ولا ريب أنه إذا اتحد مسببهما كان السابق هو المؤثر ، ولا ريب في امتناع تأثير اللاحق للزوم تحصيل الحاصل وعدم قابلية المحل.
ولا ريب ، إن سببية النذر لوجوب الوفاء به ، وسببية الاستطاعة لوجوب الحج سببية شرعية لا عقلية. لأنه لو لا الجعل الشرعي لما ثبت شيء من ذلك.
ولا ريب إنه لا يمتنع عقلا تصرف الشارع في مجعولاته. فله أن يجعل سببية اللاحق ، وأن يلغي سببية السابق.
ولا ريب حينئذ أن المرجع في استفادة هذا الأمر هو الأدلة الواردة عنه. وبعد خلوها عن التصريح بشيء من ذلك يكون الاطلاق المقامي محققا. فإنه بعد عدم البيان وامتناع الاهمال الواقعي يستقل العقل بإحالتنا على العرف. والمرتكزات العرفية تساعد على تأثير السابق وإهمال اللاحق ، لعدم قابلية المحل. فالعرف كأنه تابع العقل في حكمه ، فكل منهما يحكم بسببية السابق دون اللاحق. والسر في امتناع إطلاق الدليلين هو تنافي مقتضاهما لأن الزمان لا يتسع إلا لأحدهما. والسبب في امتناع الاهمال الواقعي هو كونه عليه البيان ، وتركه قبيح مع وجود المقتضي له ، وعدم المانع منه. فمخاطبته لأهل العرف بعد ذلك كله قرينة على أنه أحالنا عليهم ، وهو المراد من الاطلاق المقامي هنا.
تنبيهات يتضح بها ما تقدم ، وتتضح بها فروع أخرى
التنبيه الأول : ظهر مما تقدم إن كلّا من النذر والحج مشروط ، وإن المقام من باب الدوران بين تكليفين مشروطين ، يعلم بارتفاع شرط أحدهما ، ووجود شرط الآخر ، وأنه لا طريق لنا لإحراز ذلك من نفس الدليل.
التنبيه الثاني : ظهر مما قدمناه أيضا أن باب التوارد غير باب التزاحم والتعارض ، وأنه نظير عقد الوكيلين على أمر واحد ، فإن السابق منهما يؤثر ، ومع التقارن يبطلان.
التنبيه الثالث : إذا تقارن النذر والاستطاعة ، كما لو مات مورث الناذر فاستطاع مقارنا لانتهاء صيغة النذر ، فمقتضى القواعد تساقطهما ، لكونه من