تقارن السببين المتنافيين وهو نظير ما لو زوج الوكيلان امرأة من شخصين في وقت واحد ، والمسألة محررة في أواخر كتاب النكاح في العروة الوثقى. وينبغي التنبه إلى الفرق بين ما نحن فيه ، وبين مثال التزويج ، فإن النذر إذا سقط بالمقارنة انتهى أثره ، بخلاف الاستطاعة ، لأن تحققها علة في وجوب الحج حدوثا وبقاء ، فإذا امتنع تأثيرها حال المقارنة أثرت بعد ذلك. نعم إذا كان التقارن في آخر وقت التمكن من الحج سقطا معا ولم يجب الحج أيضا بسبب العجز عنه من جهة أخرى.
التنبيه الرابع : هذه المسألة سيالة لها فروع كثيرة مغفول عن تطبيقها فيها منها ما لو نذر المملوك أو حلف أن يصوم يوما معينا ، أو يعمل عملا معينا وكان ذلك كله بإذن مولاه ، ثم باعه مولاه قبل ذلك اليوم. فهل لمولاه الثاني حق حل يمينه ، أو منعه من الوفاء به؟. احتمالان ، وثانيهما هو المتعين لوجود المقتضي وفقد المانع. أما المقتضي ، فلأن وجوب الوفاء بالنذر واليمين مشروط بسبقه بإذن المولى ، وقد حصل ، وأما فقد المانع ، فلأن المتصور منه منع المالك الثاني ، وبعد التنبه إلى أن منعه إنما يؤثر إذا لم يكن منعا عن واجب ، كما هو معروف من أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق يثبت أنه ليس له حق المنع. ثم إن المولى الثاني إن كان عالما بذلك قبل الشراء ، لزم البيع ، ولم يكن له حق المنع ، وإلا كان له الخيار بعد انكشاف الحال.
ومنها : ما لو نذرت المرأة أو حلفت أن تعمل عملا في وقت معين ، كصلاة أسبوع بكامله أو تلاوة القرآن كذلك ، ثم تزوجت قبل ذلك الوقت ، وكان ذلك مزاحما لحقه.
ومنها : ما لو أجرت المرأة نفسها قبل الزواج لعمل في وقت معين ، ثم تزوجت قبله ، وكان مزاحما لحق الزوج.
فإن وجوب الوفاء بالنذر وأخويه مشروط بأن لا يكون في محرم. ومتى كان مزاحما لحق الزوج ، ولم يأذن به كان محرما. ووجوب إطاعته مشروطة بأن لا تكون في ترك واجب. وعند ما تكون إطاعته مستلزمة لترك الوفاء بالنذر ، وبالاجارة ، يكون شرطها غير حاصل.