الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز ، والمطلوب بيان المعنى الحقيقي للفظ.
ودعوى كون كل ما يذكره من المعاني هو معنى حقيقي له ، دعوى غير معقولة لاستلزامها كون ألفاظ اللغة العربية كلها مشتركة بين أكثر من معنى أو بين عشرات المعاني ، ولا ريب أن ذلك يتنافى مع حكمة الوضع ، ودعوى حدوث الاشتراك باعتبار جمع لغات القبائل ، دعوى معقولة ، ولكنها تستدعي تعدد الواضعين ، وذلك يستلزم أن لا يكون للعرب لغة واحدة أصيلة يشترك بها جميع العرب ، وهو بعيد في نفسه ، ومخالف لما عليه علماء اللغة العربية.
نعم ، يمكن أن يقال : بأن اللغة الأصيلة التي تشترك بها جميع القبائل واحدة غير أن بعض القبائل استعملت بعض تلك الألفاظ الموضوعة لمعانيها في معاني أخرى فاشتهرت عندهم فصارت مجازا مشهورا ، أو هجر المعنى الأول ، وأصبح موضوعا للمعنى الجديد بالوضع التعيني ، ثم توهم أرباب القواميس أنه أحد معاني اللفظ الأصلية ، فجعلوه في عرض معناه الحقيقي ، وبعد ذلك اشتبه الحال علينا وعليهم ، ولا مجال لتعيين المعنى الحقيقي الأول ، مع أنه هو المطلوب.
واختار أستاذنا الحكيم في مجلس الدرس بمناسبة ما ، حجية قول اللغوي فيما ينتهي إلى الحكم الشرعي ، إذا اجتمعت فيه الشروط المطلوبة في حجية خبر الواحد ، وهو غير واضح. نعم ، إذا اشتملت الرواية الواردة في بيان الأحكام على بيان موضوعات ذلك الحكم ، فلا ريب في كون ذلك من موارد خبر الواحد الثابت الحجية بالإجماع القولي والعملي ، لكون ذلك من شئونه ولوازمه كما لو قال الراوي مثلا سألته يوم الجمعة ، وبيده عصا من اللوز المر ، فقال : من حمل هذه العصاة كان له كذا.
قاعدة : المشهور إن خبر الواحد في الموضوعات ليس حجة ، ويظهر ذلك من تتبع كلمات الفقهاء في أبواب الفقه ، مثل مسألة الأخبار بالفسق والعدالة والاجتهاد والاعلمية ، ومثل الإخبار بطهارة الشيء بعد العلم بنجاسته والاخبار بنجاسته ، كل ذلك إذا كان المخبر بها ليس صاحب يد ، ومثل