ولا يخفى أيضا أن الجزء يتصف بالصحة والفساد (١) ، بخلاف الشرط فإنه يتصف بالوجود والعدم ، نعم مثل الطهارات إذا قلنا بأنها أسماء للأسباب ، تتصف بالصحة والفساد بهذا اللحاظ .. فتنبه ، إذا عرفت هذا : علمت أنه يمكن أن يكون الشك ثبوتا في الثلاثة بمفاد كان التامة كما يمكن كونه بمفاد كان الناقصة لرجوعه إلى الشك في صحة الموجود ، ويمكن ارجاع ذلك كله إلى مفاد كان التامة لرجوعه إلى الشك في وجود الصحيح.
وبهذا اللحاظ يمكن دعوى ثبوت القدر الجامع للكبرى المشتركة بين قاعدة التجاوز والفراغ.
ويمكن أن يقرب امتناع اتحاد جهة الشك من وجوه :
أولها : أن الشك في بعض موارد القاعدة يتعين كونه بمفاد كان التامة ، وفي بعضها يتعين كونه بمفاد الناقصة ، ولا جامع بينهما .. أما كونه في بعضها بمفاد التامة فكما في جريانها في الشك في الآذان والإقامة والقراءة والأذكار والسجدة الواحدة بعد الدخول في الركن اللاحق لهذه الأمور ، ولا ريب في صحة الصلاة حينئذ مع قطع النظر عن القاعدة ، لأن الصلاة تصح حتى مع العلم بفوت هذه الأمور نسيانا ، فضلا عن الشك في وجودها ، وبالنسبة للآذان والإقامة تصح حتى مع تعمد تركهما فضلا عن تركهما نسيانا ، أو الشك في تركهما.
إذا عرفت هذا ، فاعلم : أنه لا ريب في جريان القاعدة في الأمثلة المذكورة كما هو مورد النص ، فإن صحيح زرارة صريح في ذلك ، والمفروض أن الصلاة صحيحة مع قطع النظر عن القاعدة ، ويمتنع جريان القاعدة لإثبات الصحة في مورد العلم بها ، لأن موردها الشك في الأحكام الظاهرية ، فهي إذن لا تجري لإثبات الصحة التي هي من مفاد كان الناقصة ، وإنما تجري لإحراز هذه الأمور بمفاد كان التامة ولذا لا يجب سجود السهو ولا قضاء السجدة ، ولا يشرع قطع الصلاة قبل الركوع كما يشرع لمن نسى الآذان والإقامة .. فهي إنما
__________________
(١) نعم إذا فسرت الصحة بموافقة الأمر ، لم يتصف الجزء بها قبل إتمام العمل إلا بإرادة أمره الانحلالي.