لسقوط كلا الدليلين ، مضافا إلى دعوى اظهرية رواية الوضوء ودعوى اخصيتها بقرينة قوله (ع) : «فأعد عليه»فإن الاعادة وإن كانت ظاهرة في تكرر العمل إلا أنها منصرفة هنا إلى الرجوع اليه بعد تجاوز محله ، لأن التكرار لا معنى له لفرض كونه مشكوك الوجود. وايضا الصحيحة الآنفة معارضة بقوله في موثقة ابن أبي يعفور : «إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره ، فليس شكك بشيء «بناء على عود الضمير في قوله «غيره»إلى «شيء»وكون «من»للتبعيض ، أما بناء على عوده للوضوء ، أو قلنا بأن «من»لبيان الجنس فلا تعارض ، ولا ريب أن صحيحة زرارة ، نص أو أظهر ، والنص والأظهر يحكم على الظاهر. وايضا : التعليل في موثقة ابن أبي يعفور لا ينطبق على المعلل وهو من اقبح الاشياء.
بيان ذلك : إن قوله في ذيلها : «إنما الشك إذا كنت الخ ..»ظاهر في قاعدة التجاوز ، ومجراها أجزاء المركب ، وصدرها ـ بعد تقديم صحيحة زرارة عليها ظاهر في أن القاعدة لا تجرى في أجزاء الوضوء ، لأن المراد بالغير فيها غير الوضوء ، لا غير الشيء المشكوك فيه.
وهذه المناقشة حسنة ولكنك عرفت في الأمر الخامس من المقام الرابع إن لفظ التجاوز استعمل في قاعدة الفراغ ، وعرفت إن الفراغ والتجاوز اصطلاحان للفقهاء لا للشارع ، فليس التجاوز حقيقة شرعية في أجزاء المركب ، لترد هذه الشبهة.
وهذه الشبهة ، كانت تقرر مرة بمناقضة الصدر للذيل ، وبطرق أخرى ، ويستدلون بها بعد ذلك على وحدة الكبرى والتجوز في المورد أو تعددهما ، وكل ذلك كما تراه. بعد التنبيه إلى أن منشأ الشبهة حمل التجاوز في النص على المصطلح الفقهي حتى كانه حقيقة شرعية فيه. مع أن الأمر ليس كذلك فالتجاوز مفهوم عام ينطبق على موارد قاعدة الفراغ وموارد قاعدة التجاوز ، لحصول مفهوم المجاوزة فيهما.
وهذا تنبه حسن ، ترتفع فيه جملة شبهات ، ومنها دعوى وحدة الكبرى من جهة اشتراك التعبير في القاعدتين.