ومنها : ما لو صلى العشاءين وعلم بفساد إحداهما فقضاهما ثم علم بفساد إحدى المقضيتين أيضا ، وهذا كسابقه ، لأن المعادة مقدمة من باب العلم الاجمالي لا يجب عليه إعادتها على تقدير فسادها ، فيكون الأمر دائرا بين كون الباطلة هي المكلف بها واقعا فتجب إعادتها ، وبين كونها هي المعادة من باب المقدمة فلا تجب إعادتها ، فيكون العلم الاجمالي غير منجز على كل تقدير والتحقيق إن العلم الاجمالي غير منجز ، وإن قاعدة الفراغ لا تجري لقصور دليلها عن شمول المورد ، وحينئذ تبقى العبادة مشكوكة السقوط ولا مصحح لها ، ولا مؤمن منها ، وقاعدة الاشتغال اليقيني تستدعي الفراغ اليقيني ويتعين الاعادة في الفروع الثلاثة.
المقام العاشر : قاعدة الفراغ تجري في الصلاة والطهارات بل ... قاعدة الفراغ تجري في الصلاة والطهارات بل وغيرهما لعموم موثقة ابن مسلم وهي الرواية رقم ٩ المجردة عن المورد ، مضافا إلى الكبريات التي اشتملت عليها الروايات الأخرى ، وورودها في الصلاة والطهارة لا يضر لأن المورد لا يخصص الوارد ، وإذا جرت في غير الصلاة والطهارة سميت قاعدة الصحة ، كما أنها تسمى فيهما قاعدة الصحة أيضا.
المقام الحادي عشر : في ضابط الفراغ الذي تجري فيه القاعدة وفي أنه هل يختلف الفراغ من الصلاة عن الفراغ من الوضوء أو لا؟ فنقول : الفراغ عرفا يتحقق بالانتهاء من العمل المركب وجدانا أو اعتقادا سواء دخل في غيره أو لا ، وسواء كان الغير مترتبا عليه أو لا ، وسواء كان الشك في الجزء الأخير أو لا. وهذا هو الذي نقصده من الفراغ البنائي .. وتوضيحا للمقام لا بد من ملاحظة النصوص وكلمات الفقهاء لأن التعبير عن القاعدة بقاعدة الفراغ من مصطلحات الفقهاء لا الشارع (١) فإن النصوص عبرت عنها بعبارات مختلفة ، وأخبار قاعدة الفراغ بعضها متعرض للطهارة فقط ، وبعضها للطهارة والصلاة ، وبعضها للصلاة خاصة ، وبعضها مطلق ، ومفادها مختلف.
أما كلمات الفقهاء ، فقد قال في الجواهر : «لو شك في شيء من أفعال
__________________
(١) كما أشرنا إلى هذا في الأمر الخامس من المقام الرابع من هذه القاعدة.