وأما النصوص الآنفة ، فإنها بدوا مختلفة ، فإن رواية ابن أعين وروايتي ابن مسلم مطلقات ، بخلاف رواية زرارة فإنها اشترطت القيام من الوضوء والفراغ منه ، والصيرورة في حال أخرى في الصلاة أو في غيرها ، ومقتضى الجمع العرفي حمل المطلق على المقيد ، وحينئذ يتعين الاقتصار على جريانها بعد إحراز هذه الشروط.
وحينئذ فلو شك بعد ما قام عنه ولم يدخل في غير مشروط به لم تجر.
ولا ريب إن رواية زرارة ظاهرة في التحديد ، ولكن الروايات الثلاث المطلقة أظهر منها فيه ، لأن الضوابط يقتصر فيها على القيود الاحترازية ، والقيود التي في رواية زرارة تشهد بورودها في مقام التوضيح والتمثيل ، لتداخلها ، وإن كانت المطلقات أظهر ، حملت رواية زرارة عليها لتعين حمل الظاهر على الأظهر .. مضافا إلى وهنها من جهة أخرى فإن الاصحاب أعرضوا عما في ذيلها كما اعترف به في الجواهر وكما يظهر من ملاحظة كلماتهم الآنفة ، بالفقرة المخالفة للمطلقات موهونة بالاعراض.
ومضافا إلى أن صدر رواية زرارة ذكر ضابطا لقاعدة الشك في المحل وهو كونه مشغولا بالوضوء ، والأخذ بحدود هذا الضابط ينافي الأخذ بحدود ضابط الفراغ المذكور في ذيلها ، لأن مفهوم كل منهما ينافي مفهوم الأخر.
ومن ذلك كله يتضح أنها ليست واردة في مقام التحديد ولا أقل من كون المطلقات أظهر في كونها واردة في مقام التحديد ، فتقدّم.
والتحقيق : الذي يرفع الشك والريب في ذلك إن صحيحة زرارة فيها ثلاث احتمالات :
أولها : إن صدرها تعرض لقاعدة الشك في المحل مشترطا في تحققه كونه قاعدا على وضوئه وذيلها تعرض لقاعدة الفراغ مشترطا في تحققه الدخول في مشروط به. وحينئذ يتعارض المفهومان في بعض الصور كما لو شك في أجزاء الوضوء قبل القيام من الوضوء ، أو عند اعتقاد الانتهاء منه وإن لم يقم ، وقبل الدخول في غير مشروط به ، وبعد التعارض وانتفاء المرجح ، يكون المرجح