قاعدا على الوضوء بأن قمت عنه ، أو فرغت منه أو صرت في حال أخرى فلا شيء عليك هذا هو المتعين.
إذا عرفت هذا فاعلم إن المراد من القيام هو الانتقال من حال الوضوء إلى غيره ، فإن الانسان ما دام جالسا في مجلس الوضوء فهو مشغول فيه بنظر العرف ، فإذا قام عنه فقد أتمه بنظرهم ، ولا ينافيه إنه قد يتوضأ قائما ، لأن المراد بالقيام عنه الانتقال منه ، فهو طريق كاشف عن الاتمام وليس له موضوعية ولو توضأ قائما وبقى كذلك بعد إتمامه ، ولم يعمل عملا آخر جرى عليه حكم الفراغ وحكم هذا الفرض مستفاد من قوله (ع) : وفرغت منه. وإذا كان شكه في الجزء الأخير كان غير فارغ بنظر العرف ، فلا بد وأن يراد من الفراغ ، الفراغ البنائي الاعتقادي ، وليس المراد منه الخروج من الجزء الأخير فإنه ليس فراغا وكذا لو نسى ما قبله لم يكن فارغا بحكم النص ، فالمراد من الفراغ اعتقاد الفراغ ، وهو الفراغ البنائي أي فإن مر عليك وما كنت ترى نفسك فارغا منه فلا شيء عليك ، وربما يكون قوله : قمت عن الوضوء كناية عن الفراغ لأنه لازم له عادة ، وقوله : صرت في حالة أخرى يلزمها الفراغ قهرا ، والقيام عن الوضوء عادة لا يكون إلا بعد إتمامه ، وبهذه الملاحظة تتحد الفقرات الثلاث مفادا ، لأن مضمون كل منها لا ينفك عن إتمام العمل عادة ، ولا ريب إن ظهورها أقوى من ظهور قوله : إذا كنت قاعدا على وضوئك فيقدم ، ويجب التصرف في الصدر. ثم إن المفهوم بعد التصريح فيه يكون منطوقا ، فدعوى خفائه من أسخف الدعاوي ، وحينئذ لا يختلف الحال سواء كانت الأولى هي المفهوم أو الثانية ، نعم ، لا ريب في كون الثانية أوضح وأظهر ومما ذكرناه ظهر موافقة النص لفتوى المشهور (١).
__________________
(١) يلاحظ مباني العروة الوثقى مخطوط للمؤلف ج ٤ ص ٦٦ / ٦٨ فإنه نقل منه المقطع الثاني عشر : في ضابط التجاوز وفروعه.