الشك في مثل الفرض من قبيل الشك في الشبهة العنوانية.
وأما الموضع الثاني : ففيما لو فحصنا ولم يتضح لنا عملهم به أو إعراضهم عنه. والانصاف أن دليل الحجية من حيث اصل الصدور لا قصور فيه ، فإن دعوى ثبوت إجماعهم وسيرتهم على العمل بهذا الصنف قريبة ، وهو ايضا مما يحصل الوثوق النوعي بصدوره فيشمله التعليل في آية النبأ ، وأما من حيث جهة الصدور ، فالاصل العقلائي أيضا لا قصور فيه ، ومن هذا النوع النصوص المعتبرة للزاد في الاستطاعة ، فإن المشهور صرحوا باعتبار الراحلة فيها ، واهملوا أمر الزاد مع اشتمال النصوص الصحيحة عليه ، ولكن لم يتضح أنهم تركوا الزاد لعدم اعتباره ، فتكون النصوص غير معمول بها ، أو أنهم أهملوه لوضوح اعتباره. ومن هذا النوع أيضا النصوص الدالة على عدم جواز تقدم المصلي على قبر المعصوم ، فإن أول من تنبه إليها الشيخ البهائي حسبما أتذكره. ومنه روايات الاستصحاب ، فإن أول من تنبه إليها الشيخ حسين بن عبد الصمد والد الشيخ البهائي أعلى الله مقاميهما.
ومن ذلك يظهر تحقق الاجماع عندهم على العمل بهذا النوع من الاخبار ويدلك على ذلك عمل هؤلاء بهذا الصنف ومتابعة من تأخر عنهما على العمل به مع عدم عملهم بالصحيح إذا اعرض عنه المشهور ، فإن ذلك في قوة شهادتهم بانعقاد الاجماع بمعنى أن من سبقهم من العلماء لو تنبهوا لهذه الاخبار لعملوا بها.
ثم أن هذا المبحث لا يبتني على كون العمل شرطا في الحجية ، ولا على كون الاعراض مانعا كنّا نقربه في مسوداتنا القديمة ، مضافا إلى أن شيخنا المرتضى ابطل الفرق بينهما في مكاسبه ، والذي اتخطره أننا لم نتقبله منه على الاطلاق.
ويظهر من صاحب الجواهر بل وغيره أن الشرط لا بد من احرازه ، وأما المانع فيمكن نفيه باصالة عدم المانع ، وحينئذ فما يشك في عملهم به إن كان العمل شرطا لم يكن حجة لعدم احراز شرط الحجية ، وإن كان الاعراض مانعا