ثم إن الاستدلال لحجيته بدعوى وجود المقتضي وفقد المانع ممنوع ، أما منع وجود المقتضي فلقصور أدلة الحجية عن شموله كما أوضحناه في ق ١٤.
وحينئذ يكون المقتضي لعدم العمل به موجودا ، وهو أصالة عدم حجية الظن الذي لم يقم على حجيته دليل نعم يمكن التمسك بوجود المقتضي بناء على أن الوجه في عدم حجية ما أعرضوا عنه هو عدم إحراز جهة الصدور ، ولكننا حينئذ نقول أن الأصل العقلائي لا يجري لاحراز جهة الصدور بنظر العقلاء قبل الفحص عن ثبوت الإعراض وعدمه. وأما دعوى فقد المانع ففيها أنه بعد العلم الإجمالي المذكور في هامش القاعدة ١٤ ص ٤٦ يكون المانع محتمل الوجود ولا سبيل إلى إحراز عدمه لأن أصالة العدم في نفسها لا دليل عليها ، وبمعنى الاستصحاب فيها مناقشات كثيرة وقاعدة المقتضى والمانع غير مسلمة في نفسها ، والمورد ليس منها ، مضافا إلى سقوط هذا الأصل لمعارضته بمثله في الأطراف الأخرى.
بيان ذلك : أن العلم الإجمالي المذكور يقتضي التوقف عن العمل بكل طرف من الأطراف قبل الفحص عن تحقق الإعراض وعدمه ، لأنه لا يجوز التمسك به في طرف منها إلا بعد إحراز صدوره لبيان الحكم الواقعي ، وهذا شيء لا طريق لإحرازه إلا أصالة الجهة ، وأصالة الجهة لا تجري بنظر العقلاء في مثل الفرض ، مضافا إلى معارضتها بمثلها من سائر الأطراف.
وقد تحصل مما قدمناه أنه لا يجوز التمسك به قبل الفحص ، أما بناء على كون ما أعرضوا عنه ليس حجة من جهة عدم إحراز جهة الصدور ، فلعدم جريان أصالة الجهة فيه بنظر العقلاء ، وأما بناء على كون ما أعرضوا عنه ليس حجة من حيث أصل الصدور فلقصور أدلة حجية الخبر عن شموله ، لكون