وفيه : إن دعوى الانصراف ممنوعة ، وإن قوله (ص) (أخذت) لا يدل على ذلك بهيئته ولا بمادته. مضافا إلى أن انصراف الدليل عن مورد لا يجعله خارجا عنه تخصصا بل يكون خروجه تخصيصا ، لأن دعوى الانصراف إنما تصح فيما هو من مصاديق الطبيعة لا فيما هو خارج عنها ، فيكون الخارج عنها من مصاديقها ، ولكنه غير داخل في مقصود المتكلم. وتنشأ دعوى الانصراف ، من ملاحظة بعض الملابسات ، فيقال إن ظاهر الكلام منصرف عنها. وربما يسمى هذا بالمخصص اللبي ، فإن المخصصات اللبية ثلاثة العقل والاجماع والقرائن المقامية ...
وأما : خروجها تخصيصا ، فيدل عليه قوله (ع) في صحيح الحلبي صاحب البضاعة والوديعة مؤتمن. فإنه يشعر بكونه (ع) في مقام ضرب قاعدة كلية ، فيكون بمنزلة التعليل ويدل عليه أيضا قوله (ع) ليس على الأمين إلا اليمين.
وفيه : إنه لا يدل على نفي الضمان عنه ، لأن الحصر فيه إضافي في مقابل البينة ، فيكون بمنزلة قوله ليس عليه بينة ، بل عليه اليمين. لأن الذي يطلب من المتخاصمين البينة واليمن. فتكون الرواية حاصرة للمطلوب من الأمين باليمن ، وليست الرواية حينئذ في مقام السلب المطلق لتفيد نفي الضمان والبينة. ويدل عليه أيضا قوله تعالى (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) ...
وفيه : إنها لو كانت ظاهرة في نفي الضمان ، فهي لا تشمل الموارد الأربعة لأن أرباب اليد فيها ليسوا محسنين. والتحقيق إن الامانات خارجة تخصيصا بأدلة خاصة ، مدونة في أبوابها ، واللازم ملاحظة كل باب على حدة.
وكيف كان : فبعد إثبات خروج الامانات تخصيصا ، فهل تكون الموارد الأربعة من الشبهات المصداقية أو لا؟ .. احتمالان .. ويمكن تقريب الأول بأن يقال : لا ريب إن القضايا الشرعية قضايا حقيقية ، وإن الحكم فيها وارد على الافراد الفرضية ، والتخصيص في القضايا الحقيقية يكون أنواعيا ، وإذا كان المخصص أنواعا كان منوعا ، لتقوم كل نوع بفصل موجب لتحصص