المبحث الأول : في أنها حجة بنفسها أو لا؟. ولا ريب أنها ليست حجة بنفسها لأنها ليست آية ولا رواية ، ولا هي بما تضمنته معقد إجماع. وإنما هي قاعدة كلية متصيدة من أسباب الضمان ، تشير إلى ضبط موارده في أبواب المعاملات في الجملة وضعت تسهيلا على الفقيه في مقام الاستدلال.
وأما عكسها فإنه متصيد من مسقطات الضمان.
المبحث الثاني : في مدركها وهو أحد أمور.
أولها : الاجماع كما قيل ، وفيه.
أولا : إنه ممنوع. لأنها لم توجد في كلام من تقدم على العلامة. قال شيخنا المرتضى رحمهالله في المكاسب ولم أجدها في كلام من تقدم على العلامة بلسانها المعروف. ثم استظهرها من عبارات الشيخ في كتاب الرهن ، ولا أعرف أحدا ناقشه في هذه الدعوى.
وثانيا : إنه لو تم فهو من باب الاجماع على الضابط. والاجماع عليه إن كان مطردا منعكسا كان ضابطا مقبولا ، وإلا فلا لانكشاف خطأ المجمعين حينئذ (١).
ثانيها : العقل. وتقريبه أن المقبوض بالعقد الفاسد غير مملوك للقابض لفرض الفساد وترخيص غير مالكه بأكله من غير عوض ظلم. والظلم قبيح عقلا ، فلا بد من الحكم بضمانه دفعا للقبح. وفيه :
أولا : أنه منقوض بإباحة بعض المملوكات لغير المالكين ، كما في حق المارة وكما في الأكل من البيوت التي اشتملت عليها الآية (٦١ من سورة النور) ، وكما في الأكل في المخمصة ، بناء على عدم الضمان ، ولو كان الترخيص قبيحا عقلا أو كان ملزوما للضمان لما جاز وقوعه بدون ضمان.
وثانيا : أن القبح لو ثبت فإنما ينفع في إثبات الحرمة التكليفية ، بناء على
__________________
(١) فإنه بمنزلة الاجماع على التعريف ، ولعل هذا هو مراد من ناقش فيه هنا وفي مقامات أخرى بقوله فيه أنه من الاجماع على القاعدة.