ملازمة القبح للمفسدة ، وبناء على تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد. وأما إثبات الحرمة الوضعية به ، أعني الضمان بالمثل والقيمة ، فغير ظاهر ، بل لا نعرف له وجها.
وثالثا : أن هذا المناط لا يطرد عند من ينكر قاعدة الملازمة ، وحينئذ تبقى القاعدة عنده بلا مدرك.
ورابعا : أنه قد يتلف بلا تعد منه ولا تفريط ، فأين الظلم .. بل الظلم بتغريمه إياه مثلا.
ثالثها : أن المقبوض بالعقد الفاسد غير مملوك لفرض الفساد. وأكل غير المملوك أكل للمال بالباطل. وكل ما كان كذلك كان مضمونا ..
وفيه : مغالطة من جهات فإن الكبرى ممنوعة ، لأنا لا نسلم أن أكل كل ما ليس مملوكا أكل بالباطل ، كما يعرف من ملاحظة ما ذكرناه آنفا من النقض على الدليل الثاني .. ولو سلمنا أنه أكل بالباطل فلا نسلم ثبوت الضمان فإن الأصل البراءة منه. ومجرد كونه أكلا للمال بالباطل ليس دليلا على الضمان ، بل هو موضوع لأدلة الضمان كما ستعرفه إن شاء الله تعالى ، فلا تشتبه.
رابعها : الإقدام. وحكي عن الشيخ والمحقق والشهيد الثانيين أنهم عللوها به وتبعهم غيرهم. وفيه :
أولا : أن الإقدام كالقاعدة في افتقاره إلى دليل ، لأنه ليس حجة بنفسه لأنه ليس لسان آية ولا رواية ولا هو معقد إجماع (١).
وثانيا : أنهما أقدما على الضمان بالمسمى. والضمان الثابت بالعقد الفاسد هو الضمان بالمثل والقيمة ، وهو غير ما أقدما عليه. وفيه أن المتيقن أنهما أقدما على أنه ليس مجانا ، أما كونهما أقدما عليه على نحو وحدة المطلوب ، فهو محل الكلام ، بل هو ممنوع.
__________________
(١) قد نتعرض لقاعدة الإقدام مستقلة ، وستعرف إن شاء الله تعالى أنه ضابط لبعض موارد الضمان ولمسقطاته ، لا أنه سبب لهما ، ثم أن ما حكي عن الشيخ (ره) من تعليلها بالإقدام ، ينافي المحكي عنه آنفا من أنها لم تذكر في كلامه صريحا.