وثالثا : أن الإقدام على الضمان لا يكون مضمنا ما لم يقره الشارع ، وهو موضع الكلام. فليس كل ما قصده المكلف يترتب إلا إذا أمضاه الشارع المقدس ، فلا تشتبه. نعم ، الإقدام وعدمه قد ينفع منضما لقاعدة الاحترام في ثبوت الضمان وربما يتضح أن شاء الله تعالى.
خامسها : قاعدة الاستيفاء الثابتة بالإجماع ، ولها شروط ذكرناها عند التعرض لها في هذا الكتاب. وفيه أنها إنما تنفع في المنافع المستوفاة من الحر وغيره.
سادسها : قاعدة الاحترام. والأصل فيها موثق سماعة ومصحح الشحام. وفيهما أنه لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه. وفي صحيح ابن مسلم يا عبد الله ليس لك أن تذهب بحقه. وعن صاحب الأمر (عج) لا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه. وعن تحف العقول أنه لا يحل لمؤمن مال أخيه إلا عن طيب نفس منه. وقد أشرنا لمضامين هذه الأخبار في قاعدة الاحترام من هذا الكتاب. ويظهر من التتبع أن هذه القاعدة معقد إجماع.
ونوقش فيها بظهور موثق سماعة ومصحح الشحام ، في الحكم التكليفي دون الوضعي لاقتران المال بالدم وحرمة الدم تكليفية (وكما أفاده الأستاذ الحكيم مد ظله في الدرس) وبأن رواية تحف العقول مرسلة ، فإن تحف العقول كله مراسيل ، وبأن صحيحة ابن مسلم تدل على ضمان المنافع المستوفاة فقط ، وليس فيها قاعدة كلية ، وبأن رواية صاحب الأمر (ع) ناظرة للحكم التكليفي ، وبأن الإجماع مدركي. وقد استوفينا الدفاع في قاعدة الاحترام في هذا الكتاب ، وأهمه أن حرمة الدم أيضا وضعية ، لأن المراد به الدم بعد الجناية ، فهو كناية عن الدية. فهو ناظر لقيمة المال والدم. لا لنفس الأعضاء. ولأنه لو أريد منه نفس الدم قبل الجناية لزم أن يحل القتل وقطع العضو أو إتلافه بطيب النفس ، إلى غير ذلك ، ويمكن أن يناقش فيها أيضا باختصاصها بالأعيان بدعوى أن المنافع ليست أموالا ، وهو ممنوع. ولو سلمنا