بنفسها ، غاية الأمر أكبر من القضايا التجريبية الخاصة في كلّ مورد مورد ، فتكون محكومة للقوانين المنطقية التي تحكم على التجربة والاستقراء ، وهي قوانين حساب الاحتمال والتوالد الموضوعي أوّلاً ؛ ثمّ قوانين المنطق الذاتي والتوالد غير الموضوعي ثانياً» (١).
«وإذا دققنا النظر وجدنا أن الكبرى التي تعتمد عليها القضايا المتواترة مردّها إلى نفس الكبرى التي تعتمد عليها القضية التجريبية ، لأن كذب المخبر يعني افتراض مصلحة شخصية دعته إلى إخفاء الواقع ، وكذب العدد الكبير من المخبرين يعني افتراض أن مصلحة المخبر الأول في الإخفاء اقترنت صدفة بمصلحة المخبر الثاني في الإخفاء ، والمصلحتان معاً اقترنتا صدفة بمصلحة المخبر الثالث في الشيء نفسه ، وهكذا على الرغم من اختلاف ظروفهم وأحوالهم ، فهذا يعني أيضاً تكرّر الصدفة مرّات كثيرة.
وعلى هذا الأساس أرجع المنطق الاستدلال على القضية التجريبية والقضية المتواترة إلى القياس المكوّن من المقدّمتين المشار إليهما ، واعتقد بأن القضية المستدلّة ليست بأكبر من مقدّماتها.
ولكن الصحيح أن اليقين بالقضية التجريبية والمتواترة يقين موضوعي استقرائي ، وأن الاعتقاد بها حصيلة تراكم القرائن الاحتمالية الكثيرة في مصبّ واحد ، فأخبار كلّ مخبر قرينة احتمالية ، ومن المحتمل بطلانها لإمكان وجود مصلحة تدعو المخبر إلى الكذب ، وكلّ اقتران بين حادثتين قرينة احتمالية على العلية بينهما ، ومن المحتمل بطلانها أي القرينة لإمكان افتراض وجود علّة
__________________
(١) بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق ، ج ٤ ، ص ٣٢٧ ، بتصرف.