تأثير لزيادة عدد المخبرين وقلّتهم أو وثاقتهم وعدم ذلك ، كما لا نجد ذلك في القضايا العقلية الأوّلية كقضية اجتماع النقيضين ممتنع فإنها لا تزداد رسوخاً كلما ازدادت الأمثلة والمصاديق لها.
ويترتّب على هذا الفارق المنهجي بين التفسيرين للقضية المتواترة وغيرها ، أنّه على المنهج الموروث في المنطق الأرسطي يستحيل الانفكاك عقلاً بين القضية المتواترة وصدقها ، فالملازمة بينهما عقلية كالملازمة الموجودة بين الزوجية والأربعة ، وهذا بخلافه في المنهج الاستقرائي فإنّه لا ملازمة عقلية بين القضية المتواترة وصدقها ، ومن ثم فيمكن عقلاً الانفكاك بينهما وإن لم يقع ذلك خارجاً كما يقوله هذا الاتجاه ، وذلك لأن «كلّ خبر خبر في القضية المتواترة يحتمل نشوؤه من مناشئ محفوظة حتى مع كذب القضية ، فلا ملازمة عقلية كما بُرهن على ذلك في كتاب الأسس المنطقية ، وإنّما الاستكشاف مبني على أسس الدليل الاستقرائي المبتني على أساس حساب الاحتمالات» (١).
قال السيد الصدر : «والصحيح أنه لا ملازمة بين التواتر وثبوت القضية المتواترة ، وهذا لا ينفي أننا نعلم بالقضية القائلة" كلّ قضية ثبت تواترها فهي ثابتة" لأن العلم بأن المحمول لا ينفك عن الموضوع غير العلم بأنه لا يمكن أن ينفك عنه ، والتلازم يعني الثاني ، وما نعلمه هو الأول على أساس تراكم القيم الاحتمالية وزوال الاحتمال المخالف لضآلته لا لقيام برهان على امتناع محتملة عقلاً» (٢).
__________________
(١) بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق ، ج ٤ ، ص ٣٠٩.
(٢) الحلقة الثالثة ، مصدر سابق ، ج ١ ، ص ٢١٢.