لأنه يثبت إخبار الشيخ المفيد ، وتطبيق الدليل على الشيخ المفيد ، يحقّق فرداً جديداً من موضوع دليل الحجّية ، لأنه يثبت إخبار محمد بن الحسن الوليد مثلاً ، وهكذا حتى ينتهي إلى الأوّل ، فلما ذا لا يفرض مثل هذا الأمر في المقام.
وأجاب عن ذلك ، بأن القضية الحقيقية وإن كان يعقل فيها ذلك ، إلّا أن هذا فيما إذا لم تكن مسوقة مساق النظر والحكومة ، وإلّا فلا يعقل ، كما هو الحال في قاعدة «لا ضرر». فإنها لو كان المستفاد منها مجرّد نفي للحكم الضرري من دون نظر إلى الأدلّة التي تكون بإطلاقها مقتضية لجعل الحكمالضرري ، فلا بأس أن يقال : إن القاعدة تنفي الحكم بسلطنة المالك وحرمة التصرّف عليه ؛ لأن كليهما ضرري. لكن المفروض أنها حاكمة ، ومعنى الحكومة هي النظر إلى تلك الأدلّة نظراً تقييدياً ؛ إذن إذا أردنا أن ننفي بالقاعدة سلطنة المالك على هذا التصرّف المستفاد من حديث السلطنة ، فلا بأس به ، لأنه لا محذور في أن يفترض أن «لا ضرر» ناظر إلى دليل السلطنة. أما إذا أردنا أن ننفي بالقاعدة حرمة تصرّف المالك ، فهذا مؤداه أن القاعدة ناظرة إلى الدليل الذي بإطلاقه أثبت هذه الحرمة ، وليس هو إلّا نفس قاعدة «لا ضرر». فنفي هذه الحرمة بالقاعدة يستدعي افتراض أن تكون القاعدة ناظرة إلى نفسها ، ومفترض وجودها قبل نفسها ، وهو غير معقول ، وتهافت في عالم اللحاظ والنظر. إذن فالقاعدة تجري لنفي الحكم الأوّل ، ولا يتعارض ذلك مع إجرائها لنفي الحكم الثاني (١).
__________________
(١) قال (قدِّس سرّه) في قاعدة «لا ضرر» : «وإن قلنا بشمول قوله «كل خبري صادق أو كاذب» مثلاً لنفس هذه القضية ، بتنقيح المناط أو بوجه ، كما في شمول" صدّق