هذا الإشكال إنّما يكون له وجه فني بناءً على الفهم الميرزائي للحكومة والنظر ، لا على ما اخترناه في معنى الحكومة. فإننا تارة نقول : إنّ قوام الحكومة أن تكون ناظرة إلى أدلّة الأحكام الأولية نظراً تقييدياً ، ولازمه أن القاعدة لا ينفى بها إلّا ذلك الحكم الضرري الذي لولا القاعدة لكان عليه
__________________
العادل" للخبر المتولّد من شموله لموضوع وجداني ، حيث أنه على نحو القضية الحقيقية ، وذلك للفرق بين المثالين وبين المقام ، فإنه إذا تولّد من وجوب تصديق الشيخ أو الكليني موضوع آخر ، فيمكن أن يشمل هذا الموضوع المتولّد وجوب تصديق آخر من سنخ" صدّق العادل" الشامل لخبر الشيخ أو الكليني ، وأما في المقام فحيث قد عرفت أن قاعدة «لا ضرر» حاكمة على الأحكام الوجوبية والتحريمية ، فإذا نشأ ضرر من حكومة «لا ضرر» فلا يمكن أن يكون «لا ضرر» ناظراً إلى هذا الضرر ، لأن المحكوم لا بد وأن يكون مقدّماً في الرتبة على الحاكم ، حتى يكون الحاكم شارحاً وناظراً إليه ، والمفروض أن هذا الضرر الحادث متأخّر في الرتبة عن قاعدة «لا ضرر» فلا يمكن أن يكون محكوماً ب «لا ضرر». نعم لو قلنا بأن «لا ضرر» إخبار عن الواقع ، فيمكن تعارض الضررين ، وأما مع الالتزام بالحكومة فلا يعقل التعارض ، بحيث يدخل كل منهما تحت العموم.
وحاصل الكلام أنه لا بد في الضرر المنفي بأدلّة نفي الضرر من كونه ناشئاً عن الحكم الشرعي الضرري ، ليكون نفي الضرر نفياً لذلك الحكم المعنون بعنوان الضرر ، ومن المعلوم أن الضرر الذي يلحق المالك من ترك التصرف ليس لحكم شرعي يقتضي الضرر ، إلّا إذا كان الحكم هو حرمة التصرّف ، وأما مع فرض كون الحكم هو عموم السلطنة ، فالحكم الذي ينشأ منه الضرر ليس إلّا نفي الضرر بالنسبة إلى الجار. فضرر المالك في طول نفي الضرر بالنسبة إلى الجار ، فلا يعقل أن يكون مرفوعاً ب «لا ضرر». (منية الطالب ، ج ٢ ص ٢٢٥).