جديد يدّعي انسداد باب العلم ؛ لأنّ الأخبار ليست قطعية ، وانسداد باب الحجّية لأنّه لا دليل على حجّية الأخبار الظنّية ، ويدعو إلى إقامة علم الأصول على أساس الاعتراف بهذا الانسداد كما يدعو إلى جعل الظن بالحكم الشرعي أي ظن أساساً للعمل دون فرق بين الظنّ الحاصل من الخبر وغيره ما دمنا لا نملك دليلاً شرعياً خاصّاً على حجّية الخبر يميّزه عن سائر الظنون» (١).
ومن المصاديق البارزة التي يؤثّر فيها عامل الزمن بشكل واضح بعض البحوث المرتبطة بمسألة حجّية الظواهر ، ومن هنا نجد أنّ الأستاذ الشهيد وجملة من المحقّقين تعرّضوا في بحوثهم الأصولية إلى مسألتين تعدّان من أركان بحث الظواهر وهما :
الأولى : الظهور الذاتي والموضوعي : وهو البحث في أنّ حجّية الظهور هل موضوعها هو الظهور الذاتي أو الظهور الموضوعي. والمقصود بالأوّل هو «الظهور الشخصي الذي ينسبق إلى ذهن كلّ شخص شخص» (٢).
وهذا الظهور قد يختلف من شخص إلى آخر عند أبناء لغة واحدة ؛ لأنّه «عبارة عمّا ينسبق إليه ذهن السامع ووعاء ذهنه ، ومن المعلوم أنّ ذهن السامع ليس وعاءً فارغاً بل هو وعاء مشحون بمختلف الخصوصيات السابقة ، والعوامل المؤثرة في المحاورات والتعايشات والتفكيرات ومقدار الاطّلاع على استعمال هذا اللفظ في هذا المعنى أو ذاك وما إلى ذلك من أمور ، وهذه كلّها تختلف من شخص لآخر ، فالظهور الذاتي شأنه شأن الماء الذي يجري في أوعية مختلفة
__________________
(١) المعالم الجديدة ، مصدر سابق ، ص ٩٣.
(٢) بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق ، ج ٤ ، ص ٢٩١.