الدائرة.
وهذه الفكرة كأنّها كانت مرتكزة في ذهن كثير ممّن يشتغل بالفقه سواء على مستوى المدرسة الشيعية أو السنّية ، لأننا نجد أنّ مثل هذا اللازم والتالي يحكّمونه في بعض الموارد ويبطلون به بعض المدّعيات ، ومن المحتمل قويّاً أن سدّ باب الاجتهاد عند المدرسة السنّية كان تعبيراً بحسب الحقيقة لعلاج هذه الناحية في الفقه السنّي ، فإنّ هؤلاء سدّوا باب الاجتهاد خارج المذاهب الأربعة المعروفة مع فتحه داخل هذه المذاهب ، وهذا يعني أن ما اتفقت عليه كلمة المذاهب الأربعة فهو من المسلّمات ، التي لا يمكن الخروج عنها بأي نحو من الأنحاء ولا مجال للاجتهاد فيها حتى لو فرض أنه وجد شخص يعتبر نفسه من العلماء المحقّقين كالغزالي ، فإنّه مع ذلك لا يسمح لنفسه أن يجتهد فيما تسالم عليه الأئمة الأربعة ، نعم يحقّ له الاجتهاد في داخل دائرة هذه المذاهب الأربعة ، فقد يخالف فلاناً ويوافق آخر ويسمّونه بالمجتهد في المذهب ، وأمّا المجتهد في الشرع فهم خصوص الأئمة الأربعة.
طبعاً أصل فكرة التحديد من المحتمل أن تكون ناشئة بداعي علاج هذه المسلّمات والأطر الفقهية لضمان أن لا يتجاوزها فقيه بعد ذلك ، ولكن تطبيق هذه الفكرة على خصوص هذه المذاهب الأربعة دون غيرها لعلّ كثيراً من القرائن والشواهد تثبت أنّه تطبيق ناشئ من عوامل سياسية ، وإلّا لا ميزة واقعية لهؤلاء الأربعة على قرنائهم في المدرسة السنّية فضلاً عن علماء المدرسة الشيعية.
إذا اتضحت هذه المقدّمة نقول : إنّ علماء الأصول عند ما واجهوا الفقه الموجود بأيديهم ، وكانت لديهم تلك القناعة الوجدانية والحالة النفسية وهي التحفّظ على أطر ومسلمات ذلك الفقه ، صاروا بصدد إيجاد قواعد أصولية