كانت تحكم الناس في ذلك الزمان ، وفهمها بمعزل عن تلك الشرائط التي صدر النصّ فيها.
ولعل هذا التجريد للنصّ وعزله عن العوامل التي قد تكون دخيلة في فهمه يمكن أن يعدّ من أهمّ المسلّمات والأطر الفقهية التي لم يقع فيها كلام عند أحد من علمائنا المتقدّمين والمتأخّرين ، بل كان هناك اتفاق قطعي من جميع فقهاء الطائفة على اختلاف مشاربهم ومبانيهم الأصولية والفقهية ، على أن الأصل في هذه النصوص عدم مدخلية تلك الشرائط الزمانية والمكانية التي صدر النصّ فيها.
والشاهد على هذه المقولة أننا لا نجد فقيهاً حاول أن يفهم النصوص الواردة عن الرسول الأعظم والأئمّة الأطهار من خلال الأوضاع الاجتماعية والشرائط الاقتصادية ، ولهذا لا يدخل أي فقيه في حسابه أثر الزمان والمكان في فهم النصّ الشرعي.
ومن هنا نجدهم يوقعون المعارضة بين نصّ صدر في القرن الأوّل مع نصّ آخر صدر في القرن الثالث ، ويقطعون النظر عن التطوّر الهائل الذي حصل في الحياة الاجتماعية والاقتصادية ، والعلاقات التي كانت تربط بعضهم ببعض ، إضافة إلى التطوّر الفكري العظيم الذي وصل إليه المجتمع الإسلامي من خلال دخول منظومات فكرية وفلسفية واجتماعية متعدّدة ، وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على عدم مدخلية تلك الظروف والعوامل في فهم النصّ وإلّا لو كان للزمان والمكان أيّ أثر في فهم النصوص الشرعية لكان بالإمكان أن يقال : إنّه لا تعارض بين هذه النصوص لاختلاف شرائطها الاجتماعية والفكرية ، وكان ينبغي بدل أن نوقع التعارض بينها أن نرجع إلى الظروف الزمانية والمكانية التي