صدر النصّ فيها. وحينئذٍ لو ثبتت وحدة الظروف والشرائط لوقع التعارض وإلّا فلا.
والواقع أنّ تجريد النصوص عن الزمان والمكان الذي صدرت فيه ، وعدم إدخال الخصائص التي تحكم عصر الصدور وعزل النصّ عن العوامل التي قد تكون دخيلة فيه ، والقول بالتعميم يعدّ من أهمّ المسلّمات والمرتكزات الفقهية التي بقيت تحكم علم الأصول والفقه إلى يومنا هذا مع كلّ التغييرات والتطوّرات الأساسية التي مرّ بها هذان العلمان والمراحل المتعدّدة والأشواط الطويلة التي قطعها حتى انتهى إلى ما هو عليه في زماننا الحاضر.
ولا أجازف إذا قلت : إنه مع الاعتقاد الكامل بالإنجازات العلمية الضخمة التي أنجزها أستاذنا الشهيد على مستوى علم الأصول بنحو يمكن عدّ مدرسته الأصولية عصراً رابعاً من عصور العلم إلّا أنّها وإن وفِّقت في تغيير جملة من الأركان الأساسية لعلم الأصول المتعارف كما تقدّم في بحث قبح العقاب بلا بيان ولكن مع ذلك بقيت محكومة بنفس الأطر والمسلّمات الفقهية الموروثة عن علمائنا السابقين ، ولم تستطع تجاوز أو تطوير تلك الأسس ، وهذا ما نجده واضحاً في الأبحاث الفقهية الاستدلالية التي أدلى بها شهيدنا الصدر. مع أنه كما هو واضح من الدراسات الفكرية العميقة التي قدّمها في هذا المجال وخصوصاً في كتاب" اقتصادنا" كان ملتفتاً جيّداً إلى هذه الحيثية التي أشرنا إليها ، ويمكن مراجعة ذلك في بحثه القيّم عن" عملية الاجتهاد والذاتية" ولكن مع هذا كلّه لم يفعل شيئاً يتناسب مع ذلك البحث في بحوثه الاكاديمية في الأصول والفقه ولعلّ السبب يرجع إلى تلك الحالة النفسية التي أشار إليها هو ، لأنّ هذه الحالة توجد عند الفقيه قناعات وجدانية لا يمكنه تجاوزها ، فلهذا