______________________________________________________
هذا تفريع على القول ببطلان تصرف الوارث ، بناء على أن تعلق الدين بالتركة كتعلقه بالرهن ، وبيانه أنه : ( لو لم يكن في التركة دين ظاهر ) لو سكت عن قوله : ( ظاهر ) لكان أولى ، إذ ليس في هذا الفرض دين ظاهر ولا خفي.
( فتصرف الوارث ثم ظهر دين ) لو قال بدله : ثم حدث لكان أولى ، لما قلنا من أنه لم يكن هناك دين ، ويتحقق ذلك : بأن يكون الميت قد باع متاعا وأكل ثمنه ، إذ لو كان ثمنه موجودا لوجب ردّه عليه عند الفسخ ، ولا يحتاج إلى تقييده بكون الميت قد أكل الثمن ، بل يكفي تصرف الوارث في الجميع أيضا ، فإنه يجيء فيه ذلك أيضا ، ثم بعد ذلك ردّ بالعيب السابق ، لحدوث العلم به حينئذ ، وبأن يكون الميت قد حفر بئرا عدوانا فتردّى متردّ فيها بعد الموت ، وتصرف الوارث في التركة ، وبأن يكون قد جنى جناية ووداها ، ثم بعد الموت والتصرف سرت إلى النفس مثلا ، فإنه حينئذ يحتمل فساد التصرف ، لتقدم سبب الدين ، فيكون ذلك بمنزلة تقدّم الدين ، فيكون كالدين المقارن في بطلان التصرف في التركة معه.
ويضعف : بأن تقدّم السبب لا يقتضي تقدم المسبب ، والمنع من التصرف إنما هو مع وجود الدين ، لا لحدوثه ، لسبق وجود سببه. ويحتمل عدم الفساد ، لعموم( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) ولتعلق حقّ ثالث بالمبيع حين لم يكن حقّ آخر ، ولا مانع من صحة التعلق ، فإبطاله يحتاج إلى دليل ، وهو منتف ، وهذا هو الأصح. فعلى هذا إن أدّى الوارث الدين فلا بحث ، وإلاّ فسخ المدين التصرف ، توصّلا إلى أخذ دينه من تركة المتوفى.
والتحقيق : أنه قد كان هناك عهدة ودرك ، حيث كان المبيع معيبا ، والبئر المحفورة عدوانا ، والجناية في محلّ السراية ، وتلك العهدة كانت متعلقة بالذمة ، فبعد الموت يتعلق بالمال.
__________________
(١) المائدة : ١.