والرجوع لاعترافه ببراءة ذمته ، وفعل ما اذن فيه ، فلا يخرج استحقاق المأذون بظلم المستحق.
______________________________________________________
أو يقال : إن إطلاق الإذن لما حمل على القضاء الذي لا تبقى معه دعوى الدين ثانيا بحسب الإمكان ، وذلك بالإشهاد كان قضاؤه بدونه غير مأذون فيه فلم يستحق رجوعا. وهذا التوجيه لا يفترق الحال فيه ، بتصديق الآذن في الدفع وتكذيبه.
فلم يبق لقول المصنف : ( إن كذبه ) وجه ، ولم يحسن قوله ( وإن صدّقه ... ) لأنه مدافع للتعليل المذكور. وكان الأولى في العبارة أن يقول : فأنكر المستحق ، فإن كذبه ولا طريق إلى الإثبات لم يرجع قطعا ، وإن صدقه ، فان كان في غيبة الآذن ، ففي الرجوع احتمالان ينشآن : من كونه مقصرا بترك الإشهاد ، إذا كان من حقه الاحتياط وتمهيد طريق الإثبات. ولأنه كمن لم يقض إذ لم ينتفع به الأصيل وعدمه ، لأن المأذون فيه القضاء وقد حصل. وفي الأول قوة ظاهرة ، كما بيناه في كتاب الرهن.
واعلم أن قوله : ( ذلك ) يشير به الى عدم الرجوع ، وأن المراد بـ ( الأصيل ) هنا : المديون وهو الآذن مجازا ، إذ ليس هنا ضمان فيكون مضمون عنه.
قوله : ( والرجوع لاعترافه ببراءة ذمته وفعل ما اذن فيه ، فلا يخرج استحقاق المأذون بظلم المستحق ).
هذا هو الاحتمال الثاني المعادل لقوله : ( احتمل ذلك ) ووجهه أنه حيث كان مصدقا معترفا ببراءة ذمته من الدين الذي كان ، ويفعل المأذون ما اذن له فيه مجهولا ومعلوما. فلا يخرج استحقاق المأذون عن الثبوت بظلم المستحق ، وطلبه ثانيا. وضعفه ظاهر ، لأن اعترافه إنما هو ببراءة ذمته باطنا فقط ، وفي كونه فعل ما اذن فيه منع ، وقد سبق سنده.