تستأذن في نفسها وإذنها صماتها » (١).
والآخر : إنّ جارية بكرا جاءت إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالت : إنّ أبي زوّجني من ابن أخ له ليرفع خسيسته وأنا له كارهة ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أجيزي ما صنع أبوك » فقالت : لا رغبة لي فيما صنع أبي ، قال : « فاذهبي فانكحي من شئت » فقالت : لا رغبة لي عمّا صنع أبي ، ولكن أردت أن اعلم النساء أن ليس للآباء في أمور بناتهم شيء (٢).
أقول : أمّا الأصل فيرد عليه المنع ، لأنّ المراد : إمّا أصالة عدم اختيار الأب ، أو عدم ترتّب الأثر على فعله ، أو أصالة جواز نكاح البنت ، والكلّ معارض بأصالة عدم ثبوت اختيار التزويج للبنت ، لأنّه أمر شرعيّ يحتاج إلى مثبت ، وأصالة عدم ترتّب الأثر على فعلها ، وأصالة جواز نكاح الأب إن أريد من الجواز الإباحة ، ورجوعه إلى ترتّب الأثر إن كان المراد الصحّة وأصالته ممنوعة ، مع أنّ الأصل الاستصحابي مع ثبوت الولاية له وصحّة فعله وعدم اختيارها ، بل أصل العدم أيضا ، لأنّ الأصل عدم ثبوت الاختيار للبكر.
وأمّا الآيات فيرد عليها جميعا : أنّ النسبة كما تصحّ مع استقلالهنّ تصحّ بدونه أيضا ، مع أنّ المعروف في الأولى يصرفها عن الإطلاق لو كان ، إذ لا يعلم أنّ النكاح بدون إذن الوليّ معروف ، مع أنّها واردة في المعتدّة ، وهي لا تكون إلاّ مدخولة.
ومفاد الثانية ـ على فرض التسليم ـ : أنّها لا تحلّ حتى تنكح بنفسها
__________________
(١) صحيح مسلم ٢ : ١٠٣٧ ـ ١٤٢١ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٣٢ ـ ٢٠٩٨. والأيّم : الذي لا زوج له من الرجال والنساء. الجمع : الأيامى ـ مجمع البحرين ٦ : ١٥.
(٢) سنن النسائي ٦ : ٨٦ ، سنن ابن ماجه ١ : ٦٠٢ ـ ١٨٧٤ ، بتفاوت يسير.