قيل ـ في وجه الاستدلال بها ـ : إنّ الظاهر كون : « واحدا بعد واحد » مفعولا لـ : « أرضعت » و : « من جارية أو غلام » بيانا لهما ، ولا يحتمل الحاليّة عن الفحلين ، لأنّه لا يستفاد منه شيء زائد عمّا استفيد قبله ، فيكون تأكيدا ، والتأسيس أولى منه ، ولأنّها توجب إمّا تقدير المفعول ، أو جعل الجارّ زائدة ، وكلاهما خلاف الأصل ، أو جعله مجموع الجارّ ومدخولة ، وهو خلاف الظاهر (١).
وفيه : أنّه على الأول : يكون قوله : « من جارية أو غلام » أيضا لا يفيد غير التأكيد ، والتأسيس أولى منه ، وكون تقدير المفعول ، بعد تقدّمه خلاف الأصل غير ظاهر.
مع أنّه على الأول أيضا يحتاج إلى خلاف أصل في الحكم ، إذ حينئذ وإن لم يثبت التحريم بين المرتضعين ، ولكنّه يثبت بين أحدهما وبين المرضعة أو الفحل وما يتفرّع عليهما ، فلا بدّ من ارتكاب التخصيص في قوله : « ولا يحرّم شيئا وليس هو سبب رضاع من ناحية الفحولة » ، وهذان يخصّصان ، مع أنّه تفسير للرضاع المحرّم ، وهذا أيضا رضاع محرّم.
فلا تمَّ قوله : « فإنّ ذلك ليس بالرضاع الذي قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ».
والحمل على تفسير الرضاع المحرّم كليا تحريما عاما حتى لأحد الرضيعين على الآخر لا أصل التحريم ولو كان جزئيّا.
بعيد جدّا ، فالظاهر تساوي الاحتمالين وسقوط الاستدلال بأحدهما من البين.
__________________
(١) انظر الرياض ٢ : ٨٩.