فإنّ الظاهر من الابتلاء : الاضطرار إليه وعدم إمكان التحرّز ، وقد يحمل على الاتّفاقي أيضا.
ثمَّ بما ذكرنا من الأدلّة تخصّص أصالة الحرمة المتقدّمة ، لأنّ دليلها في غير العورة عام بالنسبة إليها ، إذ ليس إلاّ روايتي العلل وعقاب الأعمال (١) ، وعمومهما ظاهر ، وصحيحة ابن السريّ (٢) ، والنظر فيها أيضا يحتمل الإطلاق وإن احتمل إرادة النظر إلى الخلف والوجه بقرينة ما بعده ، ولكنّه ليس قرينة صارفة لا يتعيّن معها الحمل على الحقيقة. هذا ، مع احتمال آخر فيها قد مرّ يسقط به الاحتجاج على الحرمة.
مع أنّ في دلالة الروايتين أيضا نظرا ، لإمكان منع كون الوجه والكفّين ممّا أشبه الشعور ، وظهور الجسد في غيرها.
مضافا إلى أنّه لو قطع النظر عن جميع ذلك وقلنا بالتعارض يجب تقديم أدلّتنا ، لموافقة ظاهر الكتاب.
وعلى هذا ، فيبقى الأصل الأول ـ وهو الإباحة ـ خاليا عن المعارض بالمرّة ، فيكون هو دليلا مستقلاّ على المطلوب ، فالمسألة بحمد الله واضحة.
خلافا لمن حرّمه مطلقا ، وهو المحكيّ عن التذكرة والإيضاح (٣) ، ومال إليه الفاضل الهندي (٤).
لخوف الفتنة.
__________________
(١) المتقدمتين في ص : ٣٠.
(٢) المتقدمة في ص : ٣١.
(٣) التذكرة ٢ : ٥٧٣ ، الإيضاح ٣ : ٦.
(٤) كشف اللثام ٢ : ٩.