الثالثة : اعلم أنّهم قد يحكمون بكفاية بعض الألفاظ في النكاح الدائم ـ مثلا ـ مستدلّين بأنّ اللفظ حقيقة فيه ، ومستندين إلى دلالته على المقصود.
وقد يحكمون بعدم كفاية بعض الألفاظ فيه ، مستدلّين بكونه مجازا ، أو بعدم دلالته على المقصود.
ويرد على الأول : أنّه إن أريد أنّ للحقيقيّة مدخليّة في الصحّة فهو ممّا لا دليل عليه ، ويلزمه عدم صحّة الصيغ الإخباريّة ، لمجازيّتها في الإنشاء.
وإن أريد [ أنّ ] (١) الحقيقيّة توجب الدلالة على المقصود والمستفاد من الأخبار كفاية كلّما يدلّ على المقصود ، فلا يحسن الاقتصار على لفظ خاصّ ، بل تجب صحّة الإتيان بكلّ مجاز مع القرينة المقاليّة أو الحاليّة ، نحو : استحللت فرجها دائما ، أو : جعلتها حليلتي أو زوجتي ، ونحو ذلك.
والظاهر أنّهم لا يقولون به.
هذا كلّه ، مضافا إلى ما يرد عليهم من مطالبة الدليل على كفاية كلّ لفظ حقيقي فيه ، أو كلّ لفظ دالّ على المقصود.
وعلى الثاني : أنّه إن أريد أنّ للمجازيّة مدخليّة في عدم الصحّة فهو ممّا لا دليل عليه ، ويلزمه عدم صحّة الصيغ الإخباريّة.
وإن أريد أنّ المجازيّة توجب عدم الصراحة في المقصود ، فيلزم صحّة كلّ مجاز مقترن بالقرينة ، فلا يصح نفي صحّة بعض الصيغ مطلقا ، استنادا إلى مجازيّته ، بل يلزم نفي صحّته بدون القرينة.
وبالجملة : كلامهم في المقام خال عن النظام.
إذا عرفت تلك المقدّمات فاعلم : أنّه لا خلاف في انعقاد إيجاب
__________________
(١) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.