الدرجتين من الأيام إلى تمام الانتهاء يكون ظل الشمس جنوبيا.
قلت : ومن ذلك كله تعرف ما في الذكرى وغيرها تبعا للمحكي عن العلامة من التمثيل لانعدام الظل بأطول أيام السنة بمكة وصنعاء ، إذ قد عرفت أنه ينعدم قبل الانتهاء بكثير خصوصا في صنعاء ، لنقصان عرضهما عن الميل الأعظم للشمس ، فكيف ينعدم الظل فيهما في ذلك اليوم ، نعم هو فيه وفي غيره من أيام الهبوط والصعود قبل صيرورة الميل مساويا أو ناقصا عن العرض جنوبي ، كما انه معدوم مع المساواة ، وشمالي مع النقصان كما هو واضح محسوس ، ومن هنا قال في الروضة بعد أن حكى ذلك عنهما : « وانه من أقبح الفساد ، وأول من وقع فيه الرافعي من الشافعية ، ثم قلده فيه جماعة منا ومنهم من غير تحقيق المحل » إلى آخره. وأوضح فسادا منه ما حكاه في الذكرى عن بعضهم ، وفي مفتاح الكرامة عن المنتهى والتذكرة من استمرار الانعدام فيهما قبل الانتهاء بستة وعشرين يوما ، وبعده إلى ستة وعشرين يوما آخر ، فيكون مدة ذلك اثنين وخمسين يوما ، ضرورة أنه يكون عند المسامتة للرأس ، وليس هو إلا يوما واحدا في الصعود ، وآخر في الهبوط ، إذ الشمس لا يبطل سيرها في آن من الآنات ، اللهم إلا أن يراد انعدام الظل الشمالي خاصة لا مطلق الظل ، أو أن المراد بالانعدام ما يشمل القليل ، خصوصا إذا لم يتضح ظهوره للحس في أغلب الشواخص ، مع إمكان المناقشة في الأخير بمنع عدم وضوح الظهور للحس في تمام هذه المدة ، نعم قد يكون هو كذلك بعد يوم المسامتة أو قبلها ببعض الأيام ، ولا ينافيه الاقتصار سابقا على الانعدام في يومين ، لأن المراد منه الانعدام الحقيقي الذي لا يكون إلا في المسامتة الحقيقية ، وليس هو إلا يومين ، وما عداهما لا بد فيه من زوال في الجملة إذا اعتبره بمقياس مخروط محدد الرأس ، ضرورة لزومه لزيادة الميل المتحقق في غير يوم المسامتة ، كما هو واضح.