وكيف كان فمعرفة الزوال معه تكون بحدوث الظل ، وتركه المصنف لندرته ، على أن النصوص لم يذكر فيها إلا الزيادة ، ففي مرفوعة سماعة (١) قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : « جعلت فداك متى وقت الصلاة؟ فأقبل يلتفت يمينا وشمالا كأنه يطلب شيئا ، فلما رأيت ذلك تناولت عودا فقلت : هذا تطلب ، قال ، نعم ، فأخذ العود فنصب بحيال الشمس ثم قال : إن الشمس إذا طلعت كان الفيء طويلا ، ثم لا يزال ينقص حتى تزول ، فإذا زالت زاد ، فإذا استبنت الزيادة فصل الظهر » وفي خبر علي ابن أبي حمزة (٢) « ذكر عند أبي عبد الله عليهالسلام ـ أيضا ـ زوال الشمس فقال أبو عبد الله عليهالسلام : تأخذ عودا طوله ثلاثة أشبار ، وإن زاد فهو أبين ، فيقام فما دام ترى الظل ينقص فلم تزل ، فإذا زاد الظل بعد النقصان فقد زالت » وفي مرسل الفقيه (٣) عن الصادق عليهالسلام أيضا « تبيان زوال الشمس أن تأخذ عودا طوله ذراع وأربع أصابع ، فتجعل أربع أصابع في الأرض ، فإذا نقص الظل حتى يبلغ غايته ثم زاد فقد زالت الشمس ، وتفتح أبواب السماء وتهب الرياح وتقضى الحوائج العظام » فلذلك اقتصر المصنف عليها تبعا للنصوص ، على أن معرفة الزوال بالزيادة فيما لا ينعدم الظل فيه تستلزم معرفته بالحدوث بعد العدم ضرورة ، إذ ليست الزيادة إلا من جهة ميل الشمس عن دائرة نصف النهار الموهومة المتوسطة بين نقطتي الجنوب والشمال ، وهو كما انه سبب للزيادة المزبورة سبب للحدوث ، بل الزيادة في الحقيقة حدوث الظل ، والأمر في ذلك سهل.
وهذه العلامة ـ مع أنها لا خلاف فيها بين الأصحاب ، ودلت عليها النصوص السابقة ، ويشهد بها الاعتبار ـ تامة النفع يتساوى فيها العامي والعالم ، إذ ليس هي إلا
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٤ من كتاب الصلاة.