قال : فأبلغته ذلك فقال : أنا والله أعلم أنك لم تكذب عليه ، ولكن أمرني بشيء فأكره أن أدعه » قال في البحار : النسخ هنا مختلفة ، ففي بعضها بالحاء المهملة والفاء على البناء على المجهول من التفعيل ، أي غيرت عن هذا الرأي ، فاني أمرته بالتأخير لمصلحة ، والآن قد تغيرت المصلحة ، ويؤيده أن في بعض النسخ صرفت بالصاد المهملة بهذا المعنى ، وفي بعضها بالحاء والقاف كناية عن شدة التأثر والحزن ، أي حزنت لفعله ذلك ، وفي خبر آخر (١) من أخبار زرارة « فحرجت » من الحرج وهو الضيق ، وعلى التقادير الظاهر أن قول الراوي حتى تغيب الشمس مبني على المبالغة والمجاز أي شارفت الغروب ، إذ كان يصليها للمثلين اللذين هما المساء ، وكان المصلحة في أمر زرارة وابن بكير بذلك هي رفع تهمته عليهالسلام بخلاف ما هم عليه من الوقت ، لاشتهارهما في صحبة الصادق عليهالسلام ومعروفيتهما من بين أصحابه بمعرفة أقواله.
لكن الشهرة العظيمة بين الأصحاب ـ سيما مع ما قيل من أن الحمل على التقية إذا تعذر غيرها من الاحتمالات ، لاستبعاد خفائها على الخاصة والبطانة التي كانوا يعرفونها بمجرد نقل بعض الرواة لهم خبرا حتى قالوا له : أعطاك من جراب النورة ، وكون الحكم استحبابيا وغير ذلك ـ يقتضي المصير إلى الأول ، وعلى كل حال فالظاهر رجحان ما قبله عليه خصوصا في غير أيام الصيف ، بل وفيها ، لعدم اقتضاء الإبراد المثل ، ولكن ومع ذلك فالإنصاف أن الثاني قوي جدا كما ستعرف ، بل قبله بكثير يتحقق.
ومن هنا كان ظاهر المصنف وغيره تعدد وقت الفضيلة ، بل هو صريح المجلسي وإن كان ذكره بصورة الاحتمال ، قال : والمثل والمثلان وقت للفضيلة بعد الذراع والذراعين : أي إذا أخرت الظهر عن الأربعة أقدام فينبغي أن لا يؤخر عن السبعة التي هي المثل ، وإذا أخرت العصر عن الثمانية فينبغي أن لا تؤخر عن الأربعة عشر
__________________
(١) الاستبصار ج ١ ص ٢٤٨ الرقم ٨٩١ من طبع الحديث.