الفرق بين الأعمى وغيره ، فيقلد الأول ويجتهد الثاني ، وأن في الأعمى العامي الذي لا يعرف الوقت والمحبوس وغيره ، بل ظاهره كل ممنوع يمانع غير عام لسائر الخلق كالغيم ونحوه ، بل كان خاصا به من العمى والحبس وعدم المعرفة ونحوها ، فإنه يقلد حينئذ ، بخلاف ما إذا كان المانع عاما فيجتهد حينئذ ، وفيه ـ مع أنه مناف لإطلاقهم اعتبار الاجتهاد أو الظن مع تعذر العلم من غير فرق بين أسباب التعذر ـ انه لا دليل على هذا التفصيل ، بل ظاهر الأدلة السابقة خلافه ، والاعتماد على قول الغير مع انحصار طرق الظن فيه نوع من الاجتهاد لا تقليد ، وبالجملة لا أجد فرقا بين سائر المكلفين في ذلك ، فمن تمكن من العلم منهم وجب ، وإلا اجتزى بما يحصل له من الاجتهاد ، فقد يجتزي باخبار العدل عن علم بأذان أو غيره ، بل ربما يجتزي باجتهاد مجتهد آخر أعرف منه ، وليس ذا من التقليد في شيء ، بل انحصار إمارة الظن بذلك ونحوه كما هو الفرض.
لكن في الذكرى « أنه لو تعذر العلم فأخبره عدل عن علم بأذان أو غيره فالظاهر أنه كالممنوع من عرفانه ، فيكتفي بقوله : ويمكن المنع ، لأن الاجتهاد في حقه ممكن ، وهو أقوى من التقليد ، أما لو أخبره عدل عن اجتهاد لم يعتد بقوله قطعا ، لتساويهما في الاجتهاد ، وزيادة اجتهاد الإنسان على غيره بالنسبة إلى ما يجده من نفسه ، ولو قدر رجحان اجتهاد غيره في نفسه أمكن العدول إلى الغير ، لامتناع العمل بالمرجوح مع وجود الراجح ، ويمكن التربص ليصير ظنه أقوى من قول الغير ، وهو قوي ، بخلاف القبلة ، لأن التربص فيها غير موثوق فيه باستفادة الظن ، فيرجح هناك ظن رجحان اجتهاد غيره ، بل يمكن وجوب التأخير للمشتبه عليه الوقت مطلقا حتى يتيقن الدخول ، ولا يكفيه الاجتهاد ولا التقليد ، لأن اليقين أقوى ، وهو ممكن ، أما لو كان الصبر لا يحصل منه اليقين فلا إشكال في جواز الاجتهاد والتقليد ، لأنه معرض بالتربص لخروج الوقت ، والوجه عدم وجوب التربص مطلقا لأن مبنى شروط العبادات وأفعالها