الناس مواظبة على الوقت ، إلا أن أئمتنا صلوات الله وسلامه عليهم لما رأوا إلزام العامة العمياء بالوقت المخصوص ، وأنه لا يجوز ما عداه على الاختيار ، وكان في ملازمة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والسلف لهذا الوقت تشبث تام لهم لم يألوا جهدا في الإكثار من القول الدال على عدم وجوبه وعدم إلزامه ، وإن اختلفت طرق التأدية لذلك باعتبار اختلاف إرادتهم بيان النافلة مع ذلك وعدمه ، مضافا إلى ملاحظتهم عليهمالسلام أن لا يعرفوا الشيعة بوقت خاص لهم كي لا يعرفوا فيؤخذوا ، فتارة ذكروا أنه إذا زالت الشمس دخل الوقتان ، وأخرى جعلوا المدار على الأقدام ، وثالثة على الأذرع ، ورابعة على الفراغ من النافلة طالت أو قصرت ، إلى غير ذلك مما ذكروه مما يفيد جواز الجمع صريحا أو ظاهرا.
والغرض من الجميع عدم الإلزام الذي عند القوم ، وربما توهم من غلبة مداومة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عليه لا بيان أفضل أوقات العصر ، ولذلك لم يصرح به في أكثرها ، بل ولا يظهر منه ، وإن أمر به بعد الذراعين أو الفراغ من نافلته مثلا ، لكنه ظاهر في الاذن والإباحة بعد أن عرفت أنه في مقام توهم الحظر كما يومي اليه الإنكار والعجب في بعض النصوص من الجمع وعدم التفريق بالزمان ، فصل بالنافلة أولا ، وما في بعضها (١) ـ انه « كان جدار مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قامة ، فإذا بلغ ذراعا صلى الظهر ، وإذا بلغ ذراعين صلى العصر » بعد تسليم إرادة قامة الإنسان من القامة فيه ـ محمول على إرادة اتفاق وقوع ذلك من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا الدوام أو الاستمرار وان كان ظاهر « كان » ذلك ، أو يراد منه أنه لا يصلي العصر
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة مع اختلاف في اللفظ.