عليه ، وربما حكي عن المفيد وأبي المكارم أيضا ، لكن ما وصل إلينا ـ من مقنعة الأول « القبلة هي الكعبة ثم المسجد قبلة من نأى عنها ، لأن التوجه اليه توجه إليها ـ ثم قال بعد أسطر ـ : ومن كان نائيا عنها خارجا من المسجد الحرام توجه إليها بالتوجه اليه » ومن غنية الثاني « القبلة هي الكعبة الحرام ، فمن كان مشاهدا لها وجب عليه التوجه إليها ، ومن شاهد المسجد الحرام ولم يشاهد الكعبة وجب عليه التوجه اليه ، ومن لم يشاهده توجه نحوه بلا خلاف » ـ لا يطابق الحكاية ، إذ لم يذكر في شيء منهما الحرم ، بل هما إلى القول بأن الكعبة القبلة عينا أو جهة أقرب من ذلك قطعا ، كما أن المحكي عن ابن شهراشوب من نفي الخلاف عن استقبال المسجد على من بعد عنه لا ينافيه أيضا ، ضرورة اتحاد جهة الكعبة والمسجد للبعيد ، ومنه يعلم أن الآية لا تنافي القول بأن الكعبة القبلة ، لأن موردها البعيد ، وجهة المسجد وناحيته هي ناحية الكعبة وجهتها.
وكيف كان فلم نعرف حجة لهذا القول بعد الإجماع المعتضد بما عرفت إلا مرسل الحجال (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام « ان الله تعالى جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد ، وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم ، وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا » ونحوه خبر بشر بن جعفر الجعفي (٢) ومرسل الصدوق (٣) بل لعل الأخير هو أحدهما للمعلوم من عادته ، وأصالة عدم التعدد ، فينحصر الاستدلال حينئذ بالخبرين ، نعم يؤيدهما بعض النصوص (٤) المشتملة على تعليل استحباب اليسار بما يقتضي كون الحرم قبلة ، وأما خبر أبي غرة (٥) عن الصادق عليهالسلام « البيت قبلة المسجد ، والمسجد قبلة مكة ، ومكة قبلة الحرم ، والحرم قبلة الدنيا » فلم أجد من عمل به ، مع أنه كان المتجه
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب القبلة ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب القبلة ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب القبلة ـ الحديث ٣ من كتاب الصلاة.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب القبلة ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب القبلة ـ الحديث ٤ من كتاب الصلاة.