وأظرف شيء ما يحكى عن فخر المحققين من الاستدلال على الفساد بقوله تعالى (١) : ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) بتقريب أن المراد بالمحافظة المداومة وحفظها من المفسدات والمبطلات ، وانما يتحقق ذلك في مكان اتخذ للقرار عادة ، فإن غيره كظهر الدابة في معرض الزوال ، وب قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) : « جعلت لي الأرض مسجدا » أي مصلى ، فلا يصح إلا فيما في معناها ، وانما عديناه إليه بالإجماع ولم يثبت هنا ، ضرورة كون المراد من الآية عدم التضييع بالترك ونحوه ، وبالخبر كون الأرض محلا للسجود ، وعلى أنه قد يفرض محل البحث فيما إذا اطمأن بعدم عروض المفسد للصلاة على الظهر ، والإجماع قائم على كل مكان يمكن استيفاء ما دل على اعتباره في الصلاة فيه من غير تخصيص ، ولو سلم كون البحث في غير المطمئن به في استيفاء الأفعال خاصة أمكن منع اشتراط هذا الاطمئنان في صحة الصلاة ، للأصل وإطلاق الأدلة ، ودعوى عدم إمكان النية يدفعها أنها ممكنة عرفا ولو بأصالة عدم عروض المانع ، كما في ذات العادة التي تظن عروض الحيض لها في اليوم الذي نوت صومه ، وكل محتمل أو ظان عروض المانع في الأثناء وغير ذلك من الأحوال المعلوم عدم اشتراط صحة الصلاة بالطمأنينة في إحراز عدمها أو إحراز التمكن منها ، كما هو واضح.
وكذا دعوى أن إطلاق أدلة الصلاة ينصرف إلى القرار المعهود ، وظهر الدابة ليس منه ، لمنع الإطلاق المراد منه المعهود ، بل عدم اعتناء الأصحاب بتحرير ذلك في المكان أقوى شاهد على عدم الفرق بين سائر الأمكنة الصالحة لاستيفاء الأفعال ، بل من الأمكنة المخترعة ما يقطع بندوره وعدم دخوله في الإطلاق الذي يفرض إرادة
__________________
(١) سورة البقرة ـ الآية ٢٣٩.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب التيمم ـ الحديث ٣.