بالوصل يدفعه ـ مع انها معارضة بالأخبار المتضمنة لإطلاقه على الواحدة باعتبار إشعارها أيضا بالانفصال ـ انه لا تلازم بين الإطلاق على الثلاث والوصل ، إذ يمكن كون الوتر اسما للثلاثة المفصولة كما صرح به في بعض الأخبار السابقة ، ويمكن كونه اسما للثالثة الموصولة ، ويقوى في ظني أن كثرة إطلاق الوتر على الثلاث في تلك الأخبار وتحديده بها لإيهام الاتصال تقية.
ومنه يظهر ضعف دعوى انه حقيقة في الثلاث ، وهو القول الثاني كما في المدارك والذخيرة وعن الفاضل البهائي والمدقق محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني وغير واحد من شراح الحديث وأبي حنيفة وأصحاب الرأي ، بل قيل : إنهم حكوا ذلك عن علي عليهالسلام وعمر وأبي وأنس وابن مسعود وأبي أمامة وعمر بن عبد العزيز ، لكثرة الاستعمال ، ولما ورد (١) من طريق العامة والخاصة « ان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يوتر بثلاث ركعات » وللتحديد بالثلاث في النصوص السابقة ، وفيه أن الكثرة ليست من أمارات الحقيقة خصوصا بعد أن كان الداعي في هذا الاستعمال ما ذكرناه من إبهام الاتصال تقية ، ومنه يظهر ضعف الاستدلال بالآخرين.
ويؤيد ما ذكرنا مضافا إلى ما سمعت أنه لا إشكال في أن الوتر في عرف المتشرعة اسم للركعة الواحدة كما ظهر لك مما تقدم ، ويشهد به استعمالهم الشائع المعروف زيادة على نص الفقهاء منهم ، فيكون في عرف الشارع كذلك ، وإلا لزم النقل المخالف للأصل والظاهر أيضا ، لاقتضائه هجر الحقيقة الشرعية في عرف المتشرعة ، وهو مستبعد جدا ، فإن الحقائق الشرعية حقائق في عرف المتشرعة ، ولا يكاد يوجد شيء نقله
__________________
(١) صحيح النسائي ج ٣ ص ٢٣٥ ـ المطبوع بالأزهر عام ١٣٤٨ ومستدرك الوسائل ـ الباب ـ ٤١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.