باعتبار كون الدفن مقتضيا للتعطيل عن الاستعداد للانتفاع بالمسجد لو فرض حدوث حاجة في تغييره مثلا ، لحرمة النبش ، بخلاف الأمور السابقة مع ما فيه من تنفير المترددين وامتناع صلاتهم أو كراهتها التي هي نوع ضرر أيضا في مثل الأماكن المتخذة لمضاعفة ثواب العبادة ، ودفن فاطمة عليهاالسلام لم يثبت أنه في المسجد ، بل ظاهر خبر البزنطي عدمه كما سمعت ، بل ربما يشم منه بسبب ذكر اعتذاره فيه عن كونها في المسجد بفعل بني أمية لعنهم الله معلومية امتناع الدفن في المسجد ، ودفن الأنبياء السابقين لم يثبت تعبدنا به في شرعنا ، بل ولم يثبت كونه سابقا على المسجدية المعتبرة بل لم يثبت صيرورة نفس قبورهم مسجدا ، بل قد يظهر من جملة من النصوص الواردة في أن إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام دفنا حذاء المسجد امتناع الدفن فيه حتى في ذلك الزمان ، وإلا لم يدفنا حذاءه ، على أنه يمكن اختصاص ذلك بالمعصومين المنزهين عن سائر الأدناس ، ولا كراهة في الصلاة عندهم ، بل لعل قوله عليهالسلام (١) : « إنه ما من مسجد إلا وبني على قبر نبي أو وصي نبي » إلى آخره ، شاهد على ذلك وإن كان المراد منه على الظاهر بيان حكمة سماوية وعلة ربانية لا أنه قبر معروف جعل مسجدا ، ولعل نصوص دفن الأنبياء من هذا القبيل ، كما أن الظاهر إرادة بعض الأصحاب من كراهة بناء المسجد على القبر اتخاذ المسجد وهو فيه ، لا صيرورة نفس القبر مسجدا إن لم نقل بالفرق بين السبق واللحوق ، مع احتماله قويا جدا وإن ترك الاستفصال في خبر سماعة (٢) ، لكن لعله لظهوره فيما سمعت من المعتبرة ، على أنه لا يكفي سندا للمنع لوجوه ، منها قوة مقتضي الجواز من أدلة ندب اتخاذ المسجد مع حرمة النبش ، فتأمل جيدا ، والله أعلم.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب أحكام المساجد ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦٥ ـ من أبواب الدفن ـ الحديث ١ من كتاب الطهارة.