إجماع الصحابة ، وبأن تشاجر المتحاكمين وتكاذبهم ورفع أصواتهم ونحو ذلك مع نهيهم عنه وتكليفهم بتركه لا يقتضي مرجوحية إنفاذ الحاكم في نفسه الذي هو مستحب أو واجب ، وفعله النبي وأمير المؤمنين ( عليهما الصلاة والسلام ) ، بل كأنه في بالي أن الحكومة المعروفة من داود كانت في المسجد ، وبما في كشف اللثام من أن في بعض الكتب (١) « أنه بلغ أمير المؤمنين عليهالسلام أن شريحا يقضي في بيته ، فقال : يا شريح اجلس في المسجد فإنه أعدل بين الناس وأنه وهن بالقاضي أن يجلس في بيته ».
ولا مخلص عن ذلك بالقول بكراهة المداومة دون النادر كما اختاره المصنف على الظاهر في كتاب القضاء ، وتبعه بعض من تأخر عنه ، لظهور ما سمعت في التكرار والمداومة إذ لو سلم احتمال ندرة قضاء أمير المؤمنين عليهالسلام وأن الإضافة في دكة القضاء لعلها لوقوع قضية غريبة من قضاياه نحو دكة المعراج فإنها لم تتشرف إلا مرة واحدة كما في كشف اللثام فلا يسلم ذلك بالنسبة إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لمعروفية مواظبته صلىاللهعليهوآلهوسلم على إنفاذ الأحكام في المسجد.
ومن هنا مال بعض متأخري المتأخرين إلى عدم الكراهة في ذلك تبعا للمحكي عن الشيخين وسلار والحلي وغيرهم من المتقدمين ، بل ربما كان ظاهرهم الاستحباب ، بل لعل عدم الكراهة خيرة الأكثر حتى من عبر بالإنفاذ ، لاحتمال إرادة الاجراء ، والعمل على مقتضاها من الحبس والحد والتعزير ونحوها ، ولا ينافيه ذكر الحدود حينئذ
__________________
(١) البحار ج ٤٠ ص ٢٧٧ و ٢٧٨ و ٢٧٩ المطبوعة عام ١٣٨١ وج ٩ من طبعة الكمباني ـ الباب ٩٧ والباب ٥ من أبواب كرائم خصال أمير المؤمنين عليهالسلام ومحاسن أخلاقه ـ الحديث ٤٢.