في التفسير عن ابن عباس أن المأمورين بأخذ السلاح هم الذين بإزاء العدو ، كاحتمال تنزيله على الاستحباب بقرينة سوقه مساق الإرشاد إلى حفظ النفس ، إذ يدفعه ـ مع أنه لا يرفع ظهور الوجوب ، ضرورة عدم منافاة الاحتمال لذلك ـ إمكان منعه في مثل الأمر الصادر من المالك الحقيقي للنفس ، والذي هو أولى بها من صاحبها الصوري ، ولذا حرم عليه قتلها مثلا ، وخصوصا في المقام باعتبار انضمام حفظ الشريعة وبيضة الإسلام أو حفظ الغير وحراسته إلى ذلك ، بل ينبغي القطع بإرادة الوجوب منه هنا بملاحظة الآية الثانية (١) المتضمنة للإذن في عدم حمل السلاح للضرورة كالمرض ونحوه فما عن ابن الجنيد من القول بالندب تمسكا بما سمعت ضعيف حينئذ.
نعم يتجه سقوط وجوبه لو كان يمنع من إتيان بعض الواجبات على ما هي عليه بل المتجه حينئذ وجوب طرحه ، وما عن الشيخ وابن البراج من التصريح بالكراهة في الفرض محمول على مانع الكمال لا أصل الفعل ، وإلا كان ضعفه واضحا ، ضرورة استلزام حمله الإخلال بالواجب ، اللهم إلا أن يقال إنهما واجبان ، فالمتجه الترجيح بينهما ، فربما كان الخوف شديدا والعدو قريبا والدافع قليلا ونحو ذلك من الأمور المقتضية لحمل السلاح فيحمل حينئذ وإن استلزم فوات تلك الواجبات للضرورة ، وربما لم يكن كذلك فيقدم حينئذ واجب الصلاة عليه ، وهل الواجب حمل جميع ما عنده من السلاح أو يكفي البعض؟ صرح بعضهم بالثاني ، لصدق الامتثال معه ، ويقوى الأول لاقتضاء الإضافة هنا العموم والعهد ، كما أنه يقوى وجوب حمل آلات الدفع من الدرع والجوشن ونحوهما ، لفحوى الأمر بأخذ السلاح والكون على الحذر ، وفي المانع منها لبعض واجبات الصلاة كالركوع والسجود على الجبهة ونحوهما ما تقدم أيضا ، وتصريح الشيخ وابن البراج هنا بالكراهة على ما قيل حمله بعضهم على إرادة المنع من
__________________
(١) سورة النساء ـ الآية ١٠٣.