أو أن المدار على التقدير بالبريدين كما عساه يلوح من الذكرى ، لأنه تحقيق ، والآخر تقريب ، أو أن المدار على حصول أحدهما عملا بكل من الدليلين كما استظهره في المدارك ، ضرورة أن ذلك كله مبني على أنهما تقديران مختلفان للمسافة ، أما بناء على ما ذكرنا من أنهما شيء واحد عند الشارع ـ فمسير اليوم عنده عبارة عن قطع بريدين وبالعكس ، ومتى تحقق أحدهما تحقق الآخر في نظره ـ فلا يتأتى شيء من ذلك ، إذ فرض مسير البريدين في بعض اليوم أو نقصان مسير اليوم عنهما حينئذ غير قادح في المراد شرعا ، لأن الأول مسير يوم عنده بخلاف الثاني كما هو واضح.
بل كاد يكون صريح بعض الأدلة السابقة كموثق سماعة وخبر البجلي ، ونحوهما حسن الفضل بن شاذان (١) المروي عن الفقيه والعيون والعلل عن الرضا عليهالسلام « إنما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر ، لأن ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامة والقوافل والأثقال ».
وخبره الآخر (٢) عنه عليهالسلام أيضا في كتابه إلى المأمون « والتقصير في ثمانية فراسخ وما زاد ، وإذا قصرت أفطرت » وخبر الأعمش (٣) عن الصادق عليهالسلام المروي عن الخصال « التقصير في ثمانية فراسخ ، وهو بريدان ، وإذا قصرت أفطرت ، ومن لم يقصر في السفر لم تجز صلاته ، لأنه زاد في فرض الله » وخبر ابن مسلم (٤) المروي عن كتاب الرجال للكشي ، قال : قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « التقصير يجب في بريدين » وخبر محمد (٥) عن الباقر عليهالسلام « سألته عن التقصير ، قال : في بريد ، قال : قلت :
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ٦.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ٨.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ١٧.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ٩.