خصوصا مرسل ابن بكير (١) منها عن الصادق عليهالسلام « في الرجل يخرج من منزله يريد منزلا آخر أو ضيعة له أخرى قال : إن كان بينه وبين منزله أو ضيعته التي يؤم بريدان قصر ، وإن كان دون ذلك أتم » ولو لا إشارة ما سمعته من النصوص السابقة إلى الجمع بينهما بإرجاع المسافة الرباعية للثمانية بإرادة التلفيقية لكان المتجه العمل بكل منها من دون إرجاع بعضها إلى بعض ، فيكون إثبات كون المسافة ثمانية ذهابية من النصوص الأولة ، وتلفيقية على الوجه المفروض من الثانية ، ولعلنا نلتزمه فيما لا يقبل إرادة الملفقة من الثمانية ، لظهوره أو صراحته في ذلك ، كما أنه ينبغي التزام طرح ما يدل على عدم جواز القصر والإفطار فيما دون الثمانية الذهابية ، أو تأويله ولو بعد فيه.
وعلى كل حال هو أولى من التخيير العاري عن الشاهد ، بل المخالف للشواهد كما هو واضح ، فميل الشهيدين حينئذ إليه في الذكرى والروض وسيد المدارك في غير محله ، وإن ظن ثانيهم أن القول بالتخيير في مريد الرجوع ليومه وغيره من خواصه ، متخيلا أن الشيخ يخص التخيير بالأول ، وإلا فهو يعين التمام في الثاني ، وملاحظة كتابي الشيخ تشهد بفساد زعمه ، وأن الشيخ قائل بالتخيير مطلقا ، فيتجه حينئذ الرد على الجميع بما سمعت من عدم الشاهد وغيره ، ورفع الجناح في الآية بعد ورود الصحيح (٢) في إرادة الأمر منه لا يصلح شاهدا له ، وإلا لاقتضى التخيير في الثمانية الذهابية المجمع على عدمه عندنا كما ستسمع إن شاء الله.
والمعارضة بأنه لا شاهد للجمع المزبور أيضا ، ضرورة خلو نصوص الأربعة عن التقييد بالرجوع لليوم ، بل فيها ما يخالفه كأخبار أهل مكة يدفعها ما ستسمعه إن شاء الله من المانع للأخذ بإطلاقها عند مدعيه ، على أن الشاهد عنده على ذلك ـ بعد تطابق
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ٢.