فمن الغريب تنزيل بعضهم إياها على الرجوع ليومه أيضا كغيرها من النصوص كما أنه من الغريب أيضا دعوى انصراف إطلاق جملة من هذه النصوص إلى إرادة الرجوع لليوم ، لأنه الغالب في السفر المفروض في هذه الأخبار ، إذ هو إنما يكون إلى الضياع والزيارة والتقاضي ونحو ذلك ، كما يسير الناس من أطراف الكوفة إلى الحيرة أو من بعض ضياعها إلى مسجدها الأعظم للزيارة والصلاة ثم الرجوع ، إذ هي واضحة المنع.
ومن هنا ذهب ابن أبي عقيل في المحكي عنه إلى وجوب القصر بمطلق قصد الرجوع قبل عشرة أيام ، قال : « كل سفر كان مسافته بريدين وهو ثمانية فراسخ أو بريد ذاهبا وبريد جائيا وهو أربعة فراسخ في يوم واحد أو ما دون عشرة أيام فعلى من سافره عند آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يصلي صلاة المسافر ركعتين » بل ظاهره أو صريحه دعوى الإجماع على ذلك ، وهو الحجة له بعد إطلاق النصوص التي كاد يكون بعضها صريحا في عدم اعتبار الرجوع ليومه في التقصير ، وكأن مراده بما قبل العشرة أن لا يقطع سفره بقاطع شرعي من الإقامة عشرا ، أو البقاء مترددا ثلاثين يوما ، أو المرور بوطن له أو نحو ذلك ، ضرورة عدم خصوصية العشرة من بين قواطع السفر وإن كان لا يساعده صحيح عمران بن محمد المتقدم (١) سابقا ، اللهم إلا أن يحمل الأمر فيه بالإتمام بالضيعة على التقية ، لعدم كونها بنفسها عندنا من القواطع من دون الاستيطان ستة أشهر ، بل هو مذهب جماعة من العامة كما قيل.
وكيف كان فقد وافقه على ذلك بعض مشايخنا المعاصرين والكاشاني حاكيا له في المفاتيح عن الشيخ أيضا وإن كنا لم نتحققه ، بل المتحقق خلافه ، ومدعيا أنه مما ألهمه الله ، وأنه لم يصل أحد من الأصحاب إليه سواه ، بل ربما صدر منه إساءة أدب
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ١٤.