السعي وعدم انفصاله بالمبيت ونحوه من القواطع المقتضية عدم صدق شغل اليوم معها.
وفيه أنه لا ظهور في شيء من النصوص بذلك حتى الخبرين المزبورين ، إذ ليس في أولهما إلا الذهاب بريدا والمجيء بريدا ، وهو صادق وإن تأخر المجيء عن ذلك اليوم ، بل هو كصحيح زرارة (١) المشتمل على مثل هذا التعبير مع زيادة حكاية فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا سافر إلى ذباب الذي هو كالصريح في عدم الرجوع ليومه ، لظهور لفظ « كان » فيه في أن ذلك عادة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن المستبعد رجوع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليومه في جميع سفره إلى ذباب ، ولعدم صحة التعليل المشتمل عليه الخبر المزبور لو لوحظ الرجوع ليومه ، ضرورة عدم مدخلية ذلك في بلوغ الثمانية ، ولذا حكي عن بعض شراح الفقيه دعوى صراحة الخبر المزبور في عدم الرجوع ليومه ، إلا أن يكون قوله فيه : « وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » إلى آخره ، ليس منه عليهالسلام بل من كلام الصدوق ، ولا يخفى عليك بعد الاحتمال المزبور أو فساده.
وليس في ثانيهما سوى بيان إرادة أنه لو فعل هذا الذي كان قصده من الذهاب والمجيء لتحقق صدق شغل بياض يوم الذي هو مدار المسافة ، خصوصا وقد عرفت سابقا أن المعتبر في المسافة قصدها لا قطعها في يوم واحد ، فمن كان من قصده السير بريدين أو مقدار بياض يوم قصر وإن قطع ذلك في أيام ، كما أنك عرفت الإشارة في هذه النصوص إلى إرادة إرجاع التلفيقية إلى الثمانية الذهابية بالطريق الذي سمعته فالمتجه الاكتفاء فيها بما يكتفى في الثانية من اعتبار مجرد القصد وإن كان القطع في أيام على أن أخبار أهل مكة كالصريحة في عدم إرادة الرجوع لليوم ، لظهور بعضها وصراحة الآخر في إرادة الخروج إلى عرفة للحج الذي لا يجوز معه الرجوع ليومه.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ١٤.