نعم قد يناقش فيه بظهوره باشتراط القصر والإفطار بالإقامة في المكانين ، وباضطرابه ، لأنه رواه في التهذيب بسند غير معتبر بغير هذا المتن ، فأسقط فيه قوله : « وينصرف » الى قوله : « قصر في سفره وأفطر » فحينئذ لا يكون فيه دلالة على الإقامة في بلده.
لكن قد تدفع الثانية بأن مثله لا يعد اضطرابا ، ويستفاد حكم البلد حينئذ بالأولوية الواضحة ، والأولى ـ خصوصا بملاحظة المرسل الآخر (١) ومتنها في التهذيب ، ومعلومية عدم اعتبار ذلك بين الأصحاب ، ضرورة عدم مدخلية الإقامة اللاحقة في التقصير السابق ـ بأن المراد اعتبار ذلك في التقصير والإفطار ذهابا وإيابا ومنه يعلم حينئذ أن إقامة العشرة تخرجه عن حكم كثير السفر في السفرة الأولى خاصة كما صرح به في السرائر والمدارك والرياض وبغية الطالب إذا لم تنقطع بإقامة العشر ، خلافا لبعضهم فاعتبر في رجوعه الى حكم كثير السفر حينئذ السفرات الثلاثة ولعله لزعمه إخراج الإقامة المزبورة إياه عن الموضوع ، فلا يعود حينئذ إلا بما أثبته له ابتداء من الدفعات الثلاث التي لم يتخللها إقامة عشرة مثلا ، وفيه ـ مضافا الى ما سمعته سابقا من عدم اعتبار ذلك في الابتداء أنه من الواضح عدم إخراج ذلك له عن الموضوع ، فيبقى حينئذ فيما عدا السفرة الأولى مندرجا في إطلاق ما دل على التمام الذي يجب الاقتصار في تقييده على المتيقن ، وهو السفرة الأولى ، على أن استصحاب حكم التمام الثابت له في منزله أو ما في حكمه لا معارض له هنا ، إذ معارضة ذلك كله بإطلاق ما دل على التقصير بإقامة العشرة الذي من المعلوم عدم إرادة الإطلاق فيه ـ بل هو أشبه شيء بالمقيد بالمجمل يقتصر في معارضته للإطلاق الأول على المتيقن ـ كما ترى ، ونحوها معارضة استصحاب حكم الإطلاق الأول بحكم الإطلاق الثاني ، لوجوب الاقتصار في الخروج عن حكم اليقين
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب صلاة المسافر الحديث ـ ١.