أنك عرفت كون مبناه تقييد كل من مفهوم الخبرين بمنطوق الآخر ، وهو جار على مقتضى الضوابط والقواعد.
بل ومنه تعرف أيضا ضعف ترجيح الجمع بكون الشرط في التقصير خفاؤهما معا عليه ، كما ذهب إليه جماعة ، بل قيل إنه المشهور بين المتأخرين ، بل عن حاشية الألفية للكركي نسبته إليهم ، كما عن آخر نسبته إلى الشهرة والأكثر من غير تقييد ، بل عن الخلاف الإجماع عليه ، ضرورة كون مبناه تقييد كل من الخبرين بالآخر حتى يكون الشرط حينئذ اجتماعهما ، وفيه أن التعارض فيهما بين المنطوق والمفهوم لا المنطوقين ، فلا وجه لتقييد أحدهما بالآخر ، بل هو في الحقيقة إبطال للدليل من غير معارض ، ولعله لذا رجح في المدارك الجمع الأول عليه ، بل قال إنه بعيد جدا ، فما في الرياض حينئذ من ترجيح الجمع المزبور على الأول إما لرجحانه في نفسه عليه عند التعارض أو لأوفقيته باستصحاب التمام محل للنظر ، مع أن الأول مصادرة محضة ، والثاني غير مجد بعد ما عرفت من مخالفة الجمع المزبور لمقتضى الضوابط ، ومعارض بموافقة الأول لإطلاقات السفر وللضرب في الأرض ، بل وبما دل على التقصير بمجرد الخروج من المنزل كالمرسل السابق وغيره ، وأما إجماع الخلاف فهو ـ مع ما قيل من أنه مساق للرد على من اكتفى في التقصير بمجرد الخروج من المنزل كما يومي اليه استدلاله بعده بالآية ـ موهون بمصيره نفسه الى غيره في غيره ، فضلا عن مصير أكثر المتأخرين على ما قيل وبعض المتقدمين الى خلافه أيضا.
لا يقال ذلك كله مسلم لو أن ما ذكرته من الجمع كان هو الموافق لمقتضى الضوابط وفيه بحث بل منع ، إذ تخصيص مفهوم كل منهما بمنطوق الآخر ليس بأولى من العكس ضرورة كون التعارض بينهما بالعموم من وجه ، فمن الجائز حينئذ أن يكون المراد خفاء