لم يتوار لم يخرج عن حد الحضور ويدخل في حد الغيبة ، بخلاف ما إذا توارى ، لا أن المراد به اعتبار ذلك لمعرفة ابتداء قصره ، إذ لا يعرف أنه توارى من البيوت ، بل إذا أراد ذلك اختبره بالأذان ، فهو الامارة على التواري حينئذ ، فتأمل.
أو الصحيح الأول باعتبار اعتضاده بالاستصحاب بناء على دوام خفاء الأذان قبل الجدران ، وباتفاق المشايخ الثلاثة على روايته في الجوامع العظام ، وبأولويتها بالسببية من الأذان ، لتيسرها في كل وقت بخلاف الأذان ، إذ كثيرا ما يتفق الخروج في غير وقته مع تشابه الأصوات إذا بعدت ، وعسر التقدير على أكثر الناس أو أغلبهم ، ولعله لذا اقتصر في المقنع فيما حكي عنه على خفائها دونه ، بل ربما قيل بظهور عبارة المبسوط في أن المعتبر الرؤية ، فإن حصل حائل فالأذان ، وإن كان فيه نظر كما لا يخفى على من لاحظها.
لكنك على كل حال خبير بأنه حينئذ لا وجه لطرح كل منهما ، ضرورة حصول المرجح في الطرفين ، فيحصل التكافؤ الذي هو شرط الجمع ، سيما بعد ما عرفت من العمل بهما من أكثر الأصحاب وإن اختلفت بالوجهين السابقين ، على أن خبر المحاسن في إياب المسافر لاذهابه ، فتأييده حينئذ موقوف على اتحادهما في ذلك ، وفيه تأمل ، والموثق لا دلالة فيه على الشرطية كي ينافي ما اخترناه من الجمع الأول ، والبحث في الفقه الرضوي مشهور ، وكذا الكلام في المرجحات الثانية.
وكيف كان فلا ريب في أنه لا وجه لطرح أحدهما بعد الجمع لشرائط الحجية ، إنما الكلام في ترجيح الجمعين السابقين ، وقد عرفت أن الأول منهما هو الجاري على مقتضى الضوابط كما في سائر جمل الشرط المتعددة مع اتحاد الجزاء فيها ، بل قد يؤيده أيضا زيادة على ذلك الاقتصار في كل من الروايتين والموثق وغيره على أحدهما مع اختلاف الراويين أو الرواة ، وما ذاك إلا للاجتزاء بكل منهما ، إذ احتمال كون الاقتصار