احتمالا ، اللهم إلا أن يقال فرق بين المقامين ، ضرورة انحصار الطريق في الثاني في التقدير ، ولا مرجح لأحدهما على الآخر بخلاف ما إذا وجد أحدهما وفقد الآخر ، فإنه لا مانع من الاكتفاء به عملا بما دل عليه ، ولا حاجة الى تقدير الآخر ، بل لا معنى له ، إذ أقصى ما يسلم من ظهور الخبر في التقدير انما هو فرض وجوده في خصوص ذلك الوقت بعد أن يكون أصله موجودا ، أما إذا كان لا وجود له أصلا فلا معنى لتقديره خصوصا إذا كان البناء على المعتاد في تلك البلاد في مقدار ارتفاعه ومكان الأذان ، كما يومي اليه إضافة الأذان إلى المصر مثلا ونحو ذلك ، فتأمل.
وكيف كان فالمتجه على المختار الاكتفاء بالموجود منهما ، ولا حاجة الى مراعاة تقدير الآخر ، وإذا فقد اكتفي بما يتحقق منهما على فرض وجوده ، وهل يكفي الظن حال التقدير أو يعتبر القطع؟ وجهان ، أحوطهما إن لم يكن أقواهما الثاني ، هذا.
وقد يشكل التقدير زيادة على ما عرفت بأنه بناء عليه تكون العلامتان ممكنتين دائما لا تنفك إحداهما عن الأخرى ، ضرورة جريان التقدير في كل مقام ، فلا وجه حينئذ لجعل الشرط أحدهما لا على التعيين ، بل كان يكفي خصوص الأذان أو الجدران ، سيما مع اختلافهما وحصول خفاء الأذان قبل خفاء الجدران غالبا إن لم يكن دائما ، بخلاف ما إذا لم نعتبر التقدير ، إذ وجه التعدد حينئذ اختلاف الأمكنة في حصول كل منهما ، فأريد التعميم بذكر العلامتين لكل من المكانين ، وإذا اتفق اجتماعهما في مكان اعتبر خفاؤهما معا ، لأنه المتيقن ، فلا يقدح التفاوت المزبور حينئذ.
وقد يجاب بأن التعدد قد يكون للتسهيل والتخفيف في غالب الأمكنة ، لعدم حصول كل الاطمئنان بالتقدير لكثير من الناس فيوكل الفرد النادر حينئذ اليه وهو من فقدهما معا لا واجدهما أو الواحد منهما والتفاوت المزبور غير قادح في التقريبات من الشارع وإن صارت تحقيقية بعد تقديره تقريبا ، خصوصا إذا كان يسيرا وكان اتفاقي