تناول تلك المسألة لمثل المقام ، بل هو كالمسافر الذي قصد في أثناء سفره الميل الى مكان ثم الرجوع الى ذلك الطريق الذي كان سالكه ، فإنه لا إشكال في وجوب القصر عليه في ذلك الميل ذهابا وإيابا ومقصدا ، إذ قد عرفت سابقا أنا لم نعتبر في المسافة كونها امتدادية ، بل يكفي المستديرة والمتعاكسة وغيرهما.
وبالجملة دعوى الإجماع على عدم ضم الذهاب إلى الإياب بحيث يشمل المقام على وجه يستكشف منه قول المعصوم عليهالسلام واضحة المنع ، ولعله لذا ضعفها في الرياض وعن الحدائق بمصير الشيخ وأتباعه إلى عدمها ، وكأنهما لحظا مذهبهم في المقام ضرورة استلزامه القول بالضم المزبور ، إذ احتمال بناء قوله بالقصر هنا في الذهاب والإياب على عدم قطع الإقامة مع الصلاة تماما السفر ، أو على انقطاع حكمها ولو بالخروج الى غير مسافة يدفعهما مخالفة الأول للإجماع وظاهر النصوص ، بل ولحكمه نفسه بإتمام ناوي العود والإقامة ، ولو لا أنها غير قاطعة للسفر لم يتجه ذلك ، كما أنه لم يتجه هو أيضا بناء على انقطاع حكمها عنده بمطلق الخروج ، بل كلامهم في ذي المنازل المحكوم بمساواة المقيم له صريح في خلافه ، كصراحة استدلال الشيخ على ما نحن فيه بأن نقض مقامه بالسفر بينه وبين بلده يقصر في مثله بخلافه أيضا ، بل كأنه مجمع على خلافه كما ادعي ، بل قد يدعى كون عدم تقصير المقيم إلا بقصد المسافة من الواضحات ، فلم يبق إلا بناؤه على اعتبار الضم المزبور هنا.
ومن هنا قيل إن الجميع متفقون على كون القاطع لحكم الإقامة قصد المسافة وتحقق السفر ، لكن البحث في صدق ذلك عليه بمجرد الخروج مطلقا ، أو بالشروع في العود كذلك ، أو بالخروج عن محل الإقامة بعد العود مما دون المسافة ، أو التفصيل ، فالشيخ وأتباعه على الأول ، والشهيد ومن تأخر عنه على الثاني ، وبعض أهل العصر على الثالث ، والبعض الآخر وبعض من تقدم عليهم بيسير على الرابع على اختلافهم في