فيما ادعي من الإجماع دليلا للقول الثاني أي التقصير بالعود دون الذهاب والمقصد الذي عن فوائد الشرائع أنه المستفاد من الاخبار ، ومن قواعد الأصحاب في المدارك ، وهو مركب من دعويين إحداهما الإتمام في الأخيرين وثانيهما القصر في الأول ، ففي الكفاية عن بعضهم الإجماع على الأولى ، وفي الذخيرة حكايته عن الشهيد الثاني ، لكني لم أجده فيما حضرني من كتبه كما اعترف به في مفتاح الكرامة ، مع أنه من المستبعد جدا دعواه عليه ، وقد عرفت أن القصر مذهب من تقدم على الشهيد ، بل نسبه الشهيد إلى المتأخرين أيضا ، ولذا قيل كأنه توهمه مما في نتائج الأفكار من الاتفاق على عدم الضم المزبور الذي قد عرفت البحث فيه ، فلا ريب في ضعف دعوى الإجماع المذكور.
نعم قد يدل عليها الاستصحاب ، وتنزيل محل الإقامة منزلة البلد ، وإطلاق أدلة وجوب التمام على قاصد الإقامة ، وظهور ما دل على اعتبار قصد المسافة المعلوم انتفاؤه في محل الفرض في انقطاع حكم الإقامة ، وانسياق إرادة السفر من لفظ الخروج في خبر أبي ولاد (١) بل ظاهره إرادة المقابل للدخول منه ، فلا بد أن يكون مستجمعا كالدخول لشرائط السفر ، بل ينبغي القطع بعدم إرادة مطلق الخروج منه ، خصوصا والسائل أبو ولاد الكوفي ، وخروجه على الظاهر إنما يكون الى العراق ، ولذا قال له : « حتى تخرج » بالتاء المثناة مضافا إلى شهادة الاعتبار ، وذلك لان السفر لما انقطع حكمه بنية الإقامة مع الصلاة تماما كان الماضي كأنه لم يكن ، فلا بد في العود من اجتماع شرائطه التي من جملتها قصد المسافة ، والى غير ذلك.
كما انه يدل على الدعوى الثانية ـ مضافا الى نفي الخلاف عنه في المحكي من فوائد
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ١.