باب الخمس ، فله التصرف فيه حينئذ على حسب المصلحة كباقي ما كان له ، ولأن المساجد جميعها لله فهي في الحقيقة كمسجد واحد كما يومي اليه في الجملة الأمر (١) برد الحصى المخرج من المسجد اليه أو إلى غيره ، فلا بأس بإصلاح بعضها ببعض للمصلحة ونحوها ، ولأن الغرض من المساجد وما يجعل فيها إقامة شعار الدين وفعل العبادات فيها ، وهو لا يختلف فيه المساجد ، ولأنه من الإحسان ، ومما يعلم برضى المالك فيه ، خصوصا إذا خيف عليها التلف في بقائها ، وخصوصا بعد فتوى غير واحد من الأصحاب به ، بل لا أجد فيه خلافا بينهم.
بل في مفتاح الكرامة أن الكلمة متفقة في هذا الباب وباب الوقف على جواز صرف الفاضل إلى غيره ، وفي وقف جامع المقاصد نسبته إلى الأصحاب ، بل ظاهر المصنف والمحكي عن النهاية والمبسوط الجواز مطلقا ، كظاهر الفاضل في المنتهى ، وعن النهاية قال : « وإذا استهدم مسجد جاز أخذ آلته لعمارة غيره من المساجد ، لأن المالك واحد هو الله تعالى » وقال في موضع من الذكرى : « لا بأس باستعمال آلته في إعادته أو في بناء غيره من المساجد » نعم قيده في آخر كالكركي والشهيد الثاني ، فقال : « ولا يجوز استعمال آلته في غيره إلا لمسجد آخر لمكان الوقف ، وإنما يجوز في غيره من المساجد عند تعذر وضعها فيه أو لكون المسجد الآخر أحوج إليها منه لكثرة المصلين ، أو لاستيلاء الخراب عليه » وعن السرائر « أنه إذا استهدم مسجد ينبغي أن يعاد مع التمكن من ذلك ، وإذا لم يتمكن من إعادته فلا بأس باستعماله في بناء غيره من المساجد » وعن المهذب « إذا استهدم المسجد وصار مما لا يرجى فيه الصلاة بخراب ما حوله وانقطاع الطريق اليه جاز استعمال آلته في مسجد آخر ».
لكن ومع ذلك كله ففي الذخيرة التأمل في هذا الحكم من أصله ، قال : « نعم
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب أحكام المساجد ـ الحديث ٤.